للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : أنْ يَكونَ النكاحُ صَحيحًا، وهذا قَولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، منهُم عطاءٌ وقَتادةُ ومالكٌ والشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ.

وقالَ أبو ثَورٍ: يَحصلُ الإحصانُ بالوَطءِ في نِكاحٍ فاسِدٍ، وحُكيَ ذلكَ عن الليثِ والأوزاعيِّ؛ لأنَّ الصَّحيحَ والفاسِدَ سَواءٌ في أكثرِ الأحكامِ مثلَ وُجوبِ المَهرِ والعدَّةِ وتَحريمِ الرَّبيبةِ وأمِّ المَرأةِ ولَحاقِ الولَدِ، فكذلكَ في الإحصانِ.

ولنا: إنه وَطءٌ في غيرِ مِلكٍ، فلمْ يَحصلْ به الإحصانُ كوَطءِ الشُّبهةِ، ولا نُسلِّمُ ثُبوتَ ما ذَكَروهُ مِنْ الأحكامِ، وإنما ثَبتَتْ بالوطءِ فيه، وهذهِ ثَبتَتْ في كلِّ وَطءٍ فيه، وليسَتْ مُختصَّةً بالنكاحِ، إلا أنَّ النكاحَ هاهُنا صارَ شُبهةً، فصارَ الوطءُ فيه كوَطءِ الشُّبهةِ سَواءً (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ مُفلحٍ : الثاني: أنْ تكونَ في نِكاحٍ؛ لأنَّ النكاحَ يُسمَّى إحصانًا؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٤] يعنِي: المُزوَّجاتِ، ولا خِلافَ أنَّ وَطءَ الزِّنى والشُّبهةِ لا يَصيرُ به الواطئُ مُحصنًا، وأنَّ التسرِّي لا يَحصلُ به الإحصانُ لواحِدٍ منهُما؛ لأنه ليسَ بنِكاحٍ ولا تَثبتُ له أحكامُه (٢).

الشَّرطُ السادِسُ: الكَمالُ فيهما:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه إذا اجتَمعَتِ الصِّفاتُ في الواطئِ والمَوطوءةِ بأنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منهُما بالغًا عاقلًا مُسلمًا فإنه يُقامُ الحَدُّ.


(١) «المغني» (٩/ ٤١، ٥٢).
(٢) «المبدع» (٩/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>