للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجَوابُ: أنَّها لم تَرفُضْها، يَعني الخُروجَ منها والإعراضَ عنها؛ لأنَّ العُمرةَ والحَجَّ لا يَخرجُ منهما بنِيةِ الخُروجِ بلا خِلافٍ، وإنَّما رَفضُها رَفضُ أعمالِها مُستقلَّةً، لأنَّها أحرَمت بعدَها بالحَجِّ، فصارَت قارِنةً، فقال النَّبيُّ : «ارفُضيها»، أي: اترُكي أعمالَها المُستقلَّةَ لاندِراجِها في أفعالِ الحَجِّ، وأمَّا: امتِشاطُها فلا دِلالةَ فيه.

قال القاضي أبو الطيِّبِ وغيرُه: لأنَّ المُحرِمَ يَجوزُ له عندَنا الامتِشاطُ.

وأمَّا الجَوابُ عن احتِجاجِ مالكٍ بالقياسِ على الحَجِّ فهو أنَّ الحَجَّ مُؤقَّتٌ لا يُتصوَّرُ تَكرارُه في السَّنةِ، والعُمرةَ غيرُ مُؤقَّتةٍ، فيُتصوَّرُ تَكرارُها كالصَّلاةِ، واللهُ أعلمُ (١).

تَكرارُ العُمرةِ في السَّفرِ الواحِدِ:

اختلَف أهلُ العِلمِ القائلينَ بجوازِ تَكرارِ العُمرةِ في السَّنةِ الواحِدةِ مِرارًا: هل يَجوزُ تَكرارُها في السَّفرِ الواحِدِ، بأنْ يَخرجَ إلى الحِلِّ ويأتيَ بعُمرةٍ أُخرى أو لا؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ والظاهِريَّةُ وابنُ عبدِ البرِّ وغيرُه من المالِكيةِ وعَطاءٌ وقَتادةُ والثَّوريُّ من التابِعينَ إلى جوازِ تَكرارِ العُمرةِ في السَّفرِ الواحدِ، وإنْ كانوُا قد اختلَفوا في المُدَّةِ التي تَكونُ بينَهما.


(١) «المجموع» (٧/ ١١٦، ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>