للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه مالٌ مَعصومٌ فلَم يَجزْ إِسقاطُ حقِّه مِنه مُطلقًا، كما لو اضطُرَّ إلى مالِ غيرِه (١).

وقالَ العِمرانِيُّ الشافِعيُّ : وإذا أَخذَ اللُّقطةَ فعرَّفَها حَولًا، فإنْ قُلْنا: لا يَملكُها إلا باختِيارِ التَّملكِ فهي أَمانةٌ في يدِه، كما كانَت قبلَ انقِضاءِ مُدةِ التَّعريفِ.

وإنْ قُلْنا: إنَّه يَملكُها بمُضيِّ مُدةِ التَّعريفِ، أو قُلْنا: لا يَملكُها إلا باختِيارِ تَملُّكِها، فاختارَ تَملكَها ملكَهَا ببَدلِها في ذِمتِه، فإنْ كانَ لها مِثلٌ ثبَتَ مِثلُها في ذِمتِه، وإنْ لَم يَكنْ لها مِثلٌ ثَبتَت قِيمتُها في ذِمتِه (٢).

إذا لَم يَأتِ صاحِبُ اللُّقطةِ بعدَ السَّنةِ ماذا يُفعلُ بها وما الحُكمُ إذا جاءَ بعدَ التَّصدقِ بها؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في اللُّقطةِ إذا مرَّ على تَعريفِها حَولٌ كامِلٌ ولَم يَأتِ ربُّها ماذا يُفعلُ بها؟ هل يَمتلكُها المُلتقِطُ بمُضيِّ الحَولِ؟ أم لا بدَّ مِنْ نِيةِ التَّملكِ؟ أم لا يَجوزُ له تُملُّكُها؟ أم يَتصدَّقُ بها مُطلقًا سَواءٌ كانَ غنيًّا أو فَقيرًا؟ أم يَمتلكُها إنْ كانَ فَقيرًا ويَتصدَّقُ بها إنْ كانَ غنيًّا؟ على خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ.

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ المُلتقِطَ إذا عرَّفَ اللُّقطةَ حَولًا ولَم يَحضرْ صاحِبُها مُدةَ التَّعريفِ فهو بالخِيارِ:


(١) «المغني» (٦/ ١٤، ١٥).
(٢) «البيان» (٧/ ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>