الشَّرطُ الثالِثُ: إذا كانَ المُقَرُّ به يُمكِنُ أنْ يَكونَ ابنًا للمُقِرِّ؛ بأنْ يُقِرَّ مَنْ هو ابنُ خَمسَ عَشرةَ سَنةً ببُنوةِ مَنْ هو ابنُ خَمسِ سِنينَ أو أقَلَّ، فأمَّا إذا أقَرَّ ببُنوةِ مَنْ هو ابنُ سَبعِ سِنينَ أو أكثَرَ لم يُحكَمْ بصِحةِ إِقرارِه؛ لأنَّا نَقطَعُ بكَذبِه.
إذا ثبَتَ هذا: وأقَرَّ رَجُلٌ ببُنوةِ صَغيرٍ أو مَجنونٍ مَجهولِ النَّسَبِ ممَّا يَجوزُ أنْ يَكونَ ابنًا للمُقِرِّ، ثم بلَغَ الصَّغيرُ أو عقَلَ المَجنونُ، فأنكَرَ نَسبَه مِنْ المُقِرِّ ولم يُصادِقْه المُقِرُّ على إِنكارِه لم يُسمَعْ إِنكارُه؛ لأنَّ نَسبَه قد ثبَتَ مِنْ المُقِرِّ فلا يَبطُلُ بإِنكارِه، كما لو ادَّعَى مِلكَ صَغيرٍ في يَدِه مَجهولَ الحُرّيةِ، ثم بَلَغَ الصَّغيرُ وأنكَرَ الرِّقَّ فإنَّه لا يُقبَلُ إِنكارُه. فإنْ صادَقَه المُقِرُّ أنَّه ليسَ بابنِه فهل يَسقُطُ نَسَبُه؟ فيه وَجهانِ:
أحَدُهما: يَسقُطُ نَسَبُه، كما لو أقَرَّ بمالٍ فكذَّبَه المُقَرُّ له وصدَّقَه المُقِرُّ.
والثانِي: لا يَسقُطُ، وهو الأصَحُّ؛ لأنَّ النَّسبَ إذا ثبَتَ لم يَسقُطْ، كالنَّسَبِ الثابِتِ بالفِراشِ.
وإنْ كانَ المُقَرُّ به بالِغًا عاقِلًا لم يَثبُتْ نَسبُه إلا بالشَّرائِطِ المُتَقدِّمةِ، ويُشتَرطُ مع ذلك شَريطةٌ رابِعةٌ؛ وهي: أنْ يُصادِقَه المُقَرُّ به؛ لأنَّه يُمكِنُ تَصديقُه، فاعتُبِرَ ذلك، بخِلافِ الصَّغيرِ والمَجنونِ (١).
حُكمُ إقرارِ المَرأةِ بابنٍ:
نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ المَرأةَ إذا ادَّعَت طِفلًا مَجهولًا لا يُقبَلُ قَولُها إلا ببَيِّنةٍ، وأنَّها