ومَعناه أنَّه يُجعلُ في حَقِّ الذي أَجازَ كأنَّهم كلَّهم أَجازوا، وفي حَقِّ الذي لم يُجِزْ كأنَّهم كلَّهم لم يُجيزوا، بَيانُه: إذا ترَكَ ابنَينِ وأَوصَى لرَجلٍ بنِصفِ مالِه، فإنْ أَجازَ الوَرثةُ فالمالُ يَكونُ بينَهم أَرباعًا: للمُوصَى له رُبعانِ وهو النِّصفُ، وللابنَينِ رُبعانِ وهو النِّصفُ، وإنْ لم يُجيزوا فللمُوصَى له الثُّلثُ وللابنَينِ الثُّلثانِ، وإنْ أَجازَ أَحدُهما دونَ الآخَرِ يُجعلُ في حَقِّ الذي أَجازَ كأنَّهم كلَّهم أَجازوا، ويُعطَى للمُجيزِ رُبعُ المالِ، وفي حَقِّ الذي لم يُجِزْ كأنَّهم كلَّهم لم يُجيزوا، ويُعطَى له ثُلثُ المالِ، ويَكونُ الباقي للمُوصَى له، فيُجعلُ المالُ على اثنَيْ عَشرَ لحاجَتِنا إلى الثُّلثِ والرُّبعِ، فالرُّبعُ للذي أَجازَ وهو ثَلاثةٌ، والثُّلثُ للذي لم يُجِزْ وهو أربَعةٌ، ويَبقى خَمسةٌ للمُوصَى له (١).
إذا أَجازَ الوَرثةُ ثم قالوا: لم نَعلَمْ أنَّه كَثيرٌ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَجازَ الوَرثةُ ما زادَ على الثُّلثِ، ثم قالَ الوَرثةُ:«أَجزناه لأنَّنا ظَننَّا أنَّ الذي أَجَزنا يَسيرٌ، وقد بانَ لنا أنَّه كَثيرٌ»، هل يُقبلُ قَولُهم في ذلك أو لا؟
فقالَ الشافِعيةُ: وإنْ أَوصَى لرَجلٍ بثُلثَي مالِه وماتَ المُوصي فأَجازَ الوارِثُ الوَصيةَ ثم قالَ: «أَجَزته لأنَّني ظَنَنت أنَّ الذي أَجَزته يَسيرٌ وقد بانَ
(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٢٠٧)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٧٠)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٤)، و «الكافي لابن عبد البر ص» (٥٤٣)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٣٣)، و «حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني» (٢/ ٢٩٤)، و «الأم» (٤/ ١١٠)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩٠)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٣٩٠)، و «المغني» (٦/ ٦٢).