للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَملِ الذي به استَحقَّ الجُعْلَ، بخِلافِ ما لو قالَ: «مَنْ دخَل هذا الثُّقبَ فله دِينارٌ» فدخَله جَماعةٌ، استَحقَّ كلُّ واحِدٍ مِنهم دينارًا؛ لأنَّه دخَل دُخولًا كامِلًا، بخِلافِ رَدِّ اللُّقَطَةِ ونحوِه؛ فإنَّه لَم يَرُدَّها واحِدٌ مِنهم رَدًّا كامِلًا، ومِن نحوِ ذلك لو قالَ: «مَنْ نقَب السُّورَ فله دِينارٌ» فنقَبه ثَلاثةٌ نَقبًا واحِدًا، اشترَكوا في الدِّينارِ، وإنْ نقَب كلُّ واحِدٍ نَقبًا استَحقَّ كُلٌّ واحِدٍ دِينارًا (١).

المَسألةُ السَّادِسةُ: إذا أذِنَ لِشَخصٍ فعمِل غيرُه، كما لو قالَ لِزَيدٍ: رُدَّ آبِقِي ولكَ دِينارٌ، فرَدَّه عَمْرٌو، هَلْ يَستحقُّ الجُعْلَ أو لا؟

ذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ أذِنَ لِشَخصٍ في أنْ يَرُدَّ ضالَّتَه فعمِل غيرُه لا يَستحقُّ واحِدٌ مِنهُما شَيئًا؛ أمَّا العامِلُ فلأنَّه لَم يَشرُطْ له الجاعِلُ، ولَم يُجاعِلْه على رَدِّها، وأمَّا المُعيَّنُ فلأنَّه لَم يَعمَلْ.

قالَ الشَّافِعيَّةُ: لو عيَّن شَخصًا فعمِل غيرُه لَم يَستحقَّ واحِدٌ مِنهُما شَيئًا، كما لو قالَ لِزَيدٍ: «رُدَّ آبِقِي ولكَ دِينارٌ» فرَدَّهُ عَمْرٌو، لَم يَستحقَّ واحِدٌ مِنهُما شَيئًا؛ أمَّا العامِلُ -عَمْرٌو- فلأنَّه لَم يَشرُطْ له الجاعِلُ شَيئًا، وعمِل بغيرِ إذْنٍ، وأمَّا المُعيَّنُ -وَهو زَيدٌ- فلأنَّه لَم يَعمَلْ.

نَعم، إنْ كانَ الآخَرُ رَقيقَ المَأْذُونِ له ورَدَّ بعدَ عِلمِ سَيِّدِه بالالتِزامِ استَحقَّ المَأذونُ له الجُعْلَ؛ لأنَّ يَدَ رَقيقِه كَيَدِه (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٢٥)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٩٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٨)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ١٩٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٩٣).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٤٢)، و «نهاية المحتاج مع حاشِيَة الشَّبراملسي» (٥/ ٥٣٥)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٣٩)، و «النَّجم الوهَّاج» (٦/ ٩١)، و «الدِّيباج» (٢/ ٥٨٢) «حاشية عميرة على كنز الراغبين» (٣/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>