للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الخامِسةُ: أنْ يَنوَي تَحليلَها دونَ عِلمِها أو عِلمِ الزَّوجِ الأولِ:

اختَلفَ الفقهاءُ فيما لو نوَى الزوجُ الثاني تحليلَها للزوج الأولِ، هل يصحُّ أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنهُ يَحرمُ ويَبطلُ النكاحُ؛ لأنَّ المعتبَرَ في ذلكَ نيَّةُ المحلِّلِ لا نيةُ الزوجةِ أو الزوجِ الأولِ؛ لأنَّ العقدَ إنما يَبطلُ بنيةِ الزوجِ؛ لأنهُ الذي إليهِ المُفارَقةُ والإمساكُ (١).

قالَ المالِكيةُ: المعتبَرُ في تحليلِ المَبتوتةِ نيةُ المحلِّلُ؛ لأنَّ الطلاقَ بيدهِ؛ وأما نيةُ المطلِّقِ ونيةُ المطلَّقةِ إذا نويَا التحليلَ فلَغوٌ، فلا تَضرُّ نيةُ المرأةِ ذلكَ ولا نِيةُ الزوجِ الأولِ ذلكَ، فالمعتبَرُ في تَحليلِها وعدمِ تَحليلِها نيةُ المحلِّلِ دونَ غيرهِ؛ لأنَّ الطلاقَ بيدهِ (٢).

وذهبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في وجهٍ إلى أنَّ النكاحَ صحيحٌ؛ لأنهُ خَلا عن شرطٍ يُفسدُهُ، فأشبَهَ ما لو نوَى طلاقَها لغير الإحلالِ، أو ما لو نَوَتِ المرأةُ ذلكَ، ولأنَّ العقدَ إنما يَبطلُ بما شُرِطَ لا بما قُصِدَ، بدليلِ ما لو اشتَرى عبدًا فشرَطَ أنْ يبيعَهُ لم يَصحَّ، ولو نوَى ذلكَ لم يَبطلْ، ولأنه رُويَ عن عُمرَ ما يَدلُّ على إجازتهِ.

وقد صرَّحَ الحَنفيةُ أنَّ الرجلَ يُؤجَرُ بذلكَ فقالُوا: إذا أضمَرَ الزوجُ


(١) «المغني» (٧/ ١٣٨)، و «المبدع» (٧/ ٨٩)، و «الإنصاف» (٨/ ١٦١، ١٦٢)، و «الفتاوى الكبرى» (٣/ ١٠٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٩٠، ٥٩١).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢١٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>