للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسليمُ المُسلَمِ فيه قبلَ أجَلِه:

لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ المَذاهِبِ الأربعةِ على أنَّه إذا حَلَّ أجَلُ السَّلَمِ المُتَّفَقِ عليه في العَقدِ وَجَب على المُسلَمِ إليه إيفاءُ الدَّينِ المُسلَمِ فيه.

فإنْ جاء به وَفقَ الصِّفاتِ المَشروطةِ المُبيَّنةِ في العَقدِ وَجَب على المُسلِمِ قَبولَه؛ لأنَّه أتاه بحَقِّه في مَحَلِّه فلَزِمَه قَبولُه، كالمَبيعِ المُعيَّنِ سَواءٌ أكان عليه في قَبضِه ضَرَرٌ أم لَم يَكُنْ، فإنْ أبى قيلَ له: إمَّا أنْ تَقبِضَ حَقَّكَ وإمَّا أنْ تُبرِئَ منه، فإنِ امتَنَع قبَضه الحاكِمُ مِنَ المُسلَمِ إليه لِلمُسلِمِ وبَرِئتْ ذِمَّةُ المُسلَمِ إليه في ذلك المَقبوضِ؛ لأنَّ الحاكِمَ يَقومُ مَقامَ المُمتَنِعِ بوِلايَتِه، وليس له أنْ يُبرِئَ؛ لأنَّه لا يَملِكُ الإبراءَ.

أمَّا إنْ أتى به قبلَ حُلولِ الأجَلِ وامتَنَع المُسلِمُ مِنْ قَبولِه فقد اختلف الفُقهاء فيه، هل يجبر على أخذه أم لا؟

قال الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: إذا أتى به المُسلَمُ إليه قبلَ مَحَلِّه يُنظَرُ فيه:

فإنْ كان مما في قَبضِه قبلَ مَحَلِّه ضَرَرٌ -على المُسلِمِ- إمَّا لِكَونِه مما يَتغيَّرُ -كالفاكِهةِ والأطعِمةِ كلِّها-، أو كان قَديمُه دونَ حَديثِه -كالحُبوبِ ونَحوِها- لَم يَلزَمِ المُسلِمَ قَبولُه؛ لأنَّ له غَرَضًا في تأخيرِه بأنْ يَحتاجَ إلى أكلِه أو إطعامِه في ذلك الوَقتِ.

وكذلك الحَيوانُ؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ تَلَفُه، ويَحتاجُ إلى الإنفاقِ عليه إلى ذلك الوَقتِ، ورُبما يَحتاجُ إليه في ذلك الوَقتِ دونَ ما قَبلَه.

وهذا إنْ كان مما يُحتاجُ في حِفظِه إلى مُؤنةٍ كالقُطنِ ونَحوِه، أو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>