هذه مَسألةٌ مُهمةٌ تَكلَّمَ فيها العُلماءُ قَديمًا وحَديثًا، وأنا أذكُرُ هنا ما قالَه الخَطيبُ البَغداديُّ ﵀ في هذا المَوضوعِ لنَفاستِه قالَ ﵀:
بابُ الكَلامِ في أَقوالِ المُجتهِدينَ وهل الحَقُّ في واحدٍ أو كلُّ مُجتهدٍ مُصيبٌ.
إذا اختَلفَ المُجتهِدونَ من العُلماءِ في مَسألةٍ على قَولَينِ أو أكثَرَ، فقد ذُكرَ عن أبي حَنيفةَ أنَّه قالَ: كلُّ مُجتهدٍ مُصيبٌ والحَقُّ ما غلَبَ على ظَنِّ المُجتهدِ. وهو ظاهِرُ مَذهبِ مالِكِ بنِ أنَسٍ، وذكَرَ عن الشافِعيِّ أنَّ له في ذلك قَولَينِ: أحدُهما مِثلُ هذا، والثاني: أنَّ الحَقَّ في واحِدٍ من الأَقوالِ وما سِواه باطِلٌ.
وقيلَ: ليسَ للشافِعيِّ في ذلك إلا قَولٌ واحِدٌ، وهو أنَّ الحَقَّ في واحِدٍ من أَقوالِ المُختلِفينَ، وما عَداه خَطأٌ إلا أنَّ الإِثمَ مَوضوعٌ عن المُخطئِ فيه. ورُويَ عن عبدِ اللهِ بنِ المُبارَكِ مِثلُ هذا.