للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِلةِ، ومَن جعَلَ الحُكمَ عِبادةً وإنْ كانَ قد عُلِّل بعِلةٍ أو جعَلَ جَميعَ المُسلِمينَ في هذا المَعنى بمَنزلةِ الوَرثةِ، قالَ: لا تَجوزُ الوَصيةُ بإِطلاقٍ بأكثَرَ من الثُّلثِ (١).

الحالةُ الثالِثةُ: إذا كانَ للمُوصي وارِثٌ لا يَستوعِبُ جَميعَ المالِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ للمُوصي وارِثٌ لا يَستوعِبُ جَميعَ تَركتِه كالبِنتِ والأُمِّ والزَّوجةِ أو الزَّوجِ، هل له أنْ يُوصيَ بما زادَ على الثُّلثِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَصحُّ ولا يَنفُذُ تَصرُّفُه فيما زادَ على الثُّلثِ، ولا فَرقَ في ذلك بينَ مَنْ له وارِثٌ ومَن ليس له وارِثٌ؛ لمَا رَوَت عائِشةُ بِنتُ سَعدٍ قالَت: قالَ سَعدٌ: اشتَكَيت شَكوًى لي بمَكةَ فدخَلَ علَيَّ رَسولُ اللهِ يَعودُني، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ: إنِّي قد ترَكتُ مالًا وليسَ لي إلا ابنةٌ واحِدةٌ، أفأُوصي بثُلثَيْ مالي وأترُكُ لها الثُّلثَ؟ قالَ: لا. قال: أفأُوصي بالنِّصفِ وأترُكُ لها النِّصفَ؟ قالَ: لا. قالَ: أفأُوصي بالثُّلثِ وأترُكُ لها الثُّلثَينِ؟ قالَ: «الثُّلثُ، والثُّلثُ كَثيرٌ. ثَلاثَ مِرارٍ … » (٢) فمنَعَه النَّبيُّ من الزِّيادةِ على الثُّلثِ، ولأنَّها تَستحِقُّ جَميعَ المالِ بالفَرضِ، فأشبَهَت العَصبةَ، وإنْ كانَ لها زَوجٌ أو للرَّجلِ امرأةٌ فكذلك؛ لأنَّ الوَصيةَ تَنْقُصُ حَقَّه؛ لأنَّه


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أَحمد في «مسنده» (١٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>