للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الماوَرديُّ : الصَّحيحُ عندي صِحةُ الشَّرطِ في الرِّجالِ دونَ النِّساءِ؛ لأنَّ الأبضاعَ يُحتاطُ لها (١).

حُكمُ عَقدِ الهُدنةِ هل يَلزمُ الوَفاءُ به أو يَجوزُ للإمامِ فَسخُه متى شاءَ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ عَقدِ الهُدنةِ هل هو عَقدٌ لازِمٌ إذا وقَعَ يَلزمُ الوَفاءُ به أو عَقدٌ جائِزٌ يَجوزُ للإمامِ أنْ يَفسَخَه متى شاءَ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ عَقدَ المُوادَعةِ غيرُ لازِمٍ، مُحتمِلٌ للنَّقضِ فلِلإمامِ أنْ يَنبِذَ إليهم إذا رأى القِتالَ أصلَحَ، وذلك بأنْ يُعلِمَهم أنَّه رجَعَ وفسَخ العَهدَ الذي بينَهم وبينَه؛ لأنَّ المُعتبَرَ المَصلَحةُ على ما بيَّنَّا، فإذا تَبدَّلت يَصيرُ النَّبذُ جِهادًا، وتَركُ النَّبذِ وإيفاءُ العَهدِ تَركُ الجِهادِ صُورةً ومَعنًى، ولا بدَّ من النَّبذِ تَحرُّزًا عن الغَدرِ المَنهيِّ عنه، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: ٥٨]، وقد قالَ في العُهودِ: «وَفاءٌ لا غَدرٌ» (٢) فإذا وصَلَ النَّبذُ إلى مَلِكِهم فلا بأسَ للمُسلِمينَ أنْ يَغزوا عليهم؛ لأنَّ المَلِكَ يُبلِغُ قَومَه ظاهِرًا إلا إذا استَيقَنَ المُسلِمونَ أنَّ خبَرَ النَّبذِ لم يَبلُغْ قَومَه ولم يَعلَموا به فلا أُحبُّ أنْ يَغزوا عليهم؛ لأنَّ الخبَرَ إذا لم يَبلُغْهم فهم على حُكمِ الأمانِ الأولِ، فكانَ قِتالُهم منَّا غَدرًا وتَغريرًا.


(١) «روضة الطالبين» (٧/ ٦٥، ٦٥)، و «مغني المحتاج» (٦/ ١٠١، ١٠٢)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٤٩، ٤٥٠)، و «كنز الراغبين» (٤/ ٥٨٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٥٩)، والإمام أحمد (١٧٠٥٦)، والترمذي (١٥٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>