للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القُرآنِ»، هذا في حالِ البَيانِ، فلو كانَتِ الفاتِحةُ واجِبةً لَذكرَها، وما رُويَ: «ثم اقرَأ بفاتِحةِ الكتابِ»، لا يُعرَفُ، والمَشهورُ ما بيَّناه، ولو ثَبت لم يكن فيه دِلالةٌ؛ لِجَوازِ أن يَكونَ ذكرَ الأمرَينِ، فبيَّن بأحَدِهما الوُجوبَ، وبالآخَرِ المَسنونَ (١).

وقالَ خَليلٌ في شَرحِ مُختَصَرِ ابنِ الحاجِبِ: وكَونُها فَرضًا في الجُملةِ هو المَنصوصُ، ولابنِ زِيادٍ فيمَن صلَّى ولم يَقرأ: لا إعادةَ عليه. رَواهُ الواقِدِيُّ عن مالِكٍ، وكذلك نقلَ المَازِرِيُّ عن ابنِ شبلونَ أنَّه قالَ بسُقوطِ فَريضةِ الفاتِحةِ مُطلَقًا؛ قالَ: لِحَملِ الإمامِ لها، والإمامُ لا يَحمِلُ فَرضًا (٢).

قِراءةُ الفاتِحةِ في كلِّ رَكعةٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في وُجوبِ قِراءةِ الفاتِحةِ في كلِّ رَكعةٍ مِنْ رَكعاتِ الصَّلاةِ، هل يجبُ عليه أن يَقرأَها في كلِّ رَكعةٍ؟ أو تُجزِئُ في رَكعتَينِ من أربَعٍ؟

فذَهب المالِكيَّةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّ قِراءةَ الفاتِحةِ واجِبةٌ على الإمامِ والمُنفرِدِ في كلِّ رَكعةٍ مِنْ الصَّلواتِ الخَمسِ على الإطلاقِ؛ لحَديثِ المُسيءِ صَلاتَه، وفيه قولُ النَّبيِّ : «ثم افعَل


(١) «معاني الآثار» (١/ ٣٦٢، ٥٠٣)، و «التجريد» للقدوري (١/ ٤٨٥، ٤٩٠)، و «المبسوط» (١/ ١٩)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١١١، ١٦٠)، و «البحر الرائق» (١/ ٣١٢، ٣١٣)، والطَّحطاوي (١/ ١٦٥)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١٠٩)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ١٨، ٢٥)، و «عمدة القاري» (٦/ ١٨).
(٢) «التوضيح في شَرح مختصر ابن الحاجب» (١/ ٣٣٥، ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>