للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنَّ تَبرعَ المَريضِ مَوقوفٌ؛ فإنْ بَرئَ من مَرضِه صَحَّ تَبرعُه، وههنا أبطَلوه على كلِّ حالٍ، والفَرعُ لا يَزيدُ على أصلِه.

الثالِثُ: أنَّ ما ذكَروه مُنتقَضٌ بالمَرأةِ؛ فإنَّها تَنتفعُ بمالِ زَوجِها وتَتبسَّطُ فيه عادةً ولها النَّفقةُ منه، وانتِفاعُها بمالِه أكثَرُ من انتِفاعِه بمالِها، وليسَ لها الحَجرُ عليه، وعلى أنَّ هذا المَعنى ليسَ مَوجودًا في الأصلِ، ومِن شَرطِ صِحةِ القياسِ وُجودُ المَعنى المُثبِتِ للحُكمِ في الأصلِ والفَرعِ جَميعًا (١).

سابِعًا: هِبةُ المَريضِ:

اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ الواهِبَ إذا كانَ صَحيحًا غيرَ مَريضٍ مَرضَ المَوتِ مالِكًا للمَوهوبِ مُطلَقَ اليَدِ أنَّ هِبتَه صَحيحةٌ نافِذةٌ في جَميعِ مالِه.

وكذلك اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ المَريضَ إذا وهَبَ في حالِ مَرضِه (٢) وقُبضَت عنه أنَّها تَكونُ في ثُلثِ مالِه كسائِرِ وَصاياه؛ فإنِ احتمَلَها الثُّلثُ أُمضيَت وإلا رُدَّت؛ لأنَّها في حُكمِ الوَصيةِ، وإنِ احتمَلَ الثُّلثُ بَعضَها أُمضيَ منها قَدرُ ما احتمَلَه الثُّلثُ إلا أنْ يُجيزَه الوارِثُ فيَصحَّ في الجَميعِ، واحتَجُّوا على ذلك بما رَواه الشَّيخانِ عن سُفيانَ بنِ عُيَينةَ وإِبراهيمَ بنِ سَعدٍ عن الزُّهريِّ عن عامِرِ بنِ


(١) «المغني» (٤/ ٢٩٩، ٣٠٠)، ويُنظَرُ: «شرح مسلم» (٣/ ٤٤٣)، و «البيان» (٦/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٤/ ٣٠٥).
(٢) تُسمَّى الهِبة في مَرضِ المَوتِ عندَ الحَنابِلة العَطيَّة. يُنظَرُ: «المطلع على أبواب المقنع» (٢٩١)، و «المبدع» (٥/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>