للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا يُغسَّلونَ ولا يُصلَّى عليهم؛ إهانةً لهم وزَجرًا لغيرِهم عن فِعلِهم، وذلك إذا قُتِلوا في أثناءِ حَربِهم.

أمَّا إذا قُتِلوا بعدَ استِيلاءِ السُّلطةِ الحاكِمةِ عليهم فإنَّهم يُغسَّلون ويُصلَّى عليهم؛ لأنَّ قَتلَهم حينَئذٍ لِكَسرِ شَوكَتِهم، فهو في حُكمِ الحَدِّ فيَعودُ نَفعُه على الجَماعةِ.

قال الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : وليسَ تَركُ الصَّلاةِ على هؤلاء -عندَ أَبي حَنيفةَ- مما له مُناسَبةٌ بتَركِ الصَّلاةِ على الشُّهداءِ؛ فإنَّ ذلك لتَشريفِهم، وهؤلاء تُركَت الصَّلاةُ عليهم عُقوبةً لهم، وزَجرًا لأمثالهم (١).

الصَّلاةُ على مَنْ قُتلَ في حَدٍّ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ قُتلَ في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ كحَدِّ الزِّنا أو قِصاصٍ فإنَّه يُغسَّلُ ويُصلَّى عليه؛ لأنَّه بذَلَ نَفسَه لإيفاءِ حَقٍّ مُستحَقٍّ عليه، ولأنَّه لَم يُقتلْ ظُلمًا.

ولحَديثِ عِمرانَ بنِ حُصينٍ قالَ: «إنَّ امْرأَةً مِنْ جُهينَةَ أتَتْ نَبيَّ اللَّهِ وهي حُبلَى مِنْ الزِّنا فقالَت: يا نَبيَّ اللَّهِ، أصَبْتُ حَدًّا فأَقِمْه علَيَّ، فدَعا نَبِيُّ اللَّهِ وَلِيَّها، فقالَ: أَحسِنْ إِلَيها، فإذا وضَعَت فأْتِني بها، ففَعَل، فأمَرَ بها نَبيُّ اللَّهِ فشُكَّت عليها ثِيابُها


(١) «الإفصاح» (١/ ٢٨٣)، وانظر: «الإشراف» (١/ ١٥٠)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢١٠)، و «بداية المبتدي» (١/ ٣١)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ٩٥)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٣٥)، و «المجموع» (٦/ ٣٦٤)، و «المغني» (٣/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>