وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنَّ العُشرَ يَجبُ في المُزارَعةِ على رَبِّ الأرضِ؛ لأنَّ المُزارَعةَ فاسِدةٌ عندَه، فالخارِجُ له إمَّا أنْ يَكونَ تَحقيقًا أو يَكونَ تَقديرًا؛ لأنَّ البَذرَ إنْ كانَ من قِبَلِه فجَميعُ الخارِجِ له وللمُزارَعِ أجرُ مِثلِ عَملِه، وإنْ كانَ من قِبَلِ الزارِعِ فالخارِجُ له ولرَبِّ الأرضِ أجرُ مِثلِ أرضِه الذي هو بمَنزلةِ الخارجِ، إلا أنَّ عُشرَ حِصتِه في عَينِ الخارجِ وعُشرَ حِصةِ المُزارعِ في ذمَّةِ ربِّ الأرضِ يَكونُ دَينًا في ذمَّتِه.
وفائِدةُ ذلك السُّقوطُ بالهَلاكِ إذا نِيطَ بالعَينِ، وعَدمِه إذا نِيطَ بالذِّمةِ.
وهذا كلُّه في العُشرِ، أمَّا الخَراجُ فعلى رَبِّ الأرضِ إِجماعًا (١).
قَدرُ المَأخوذِ في زَكاةِ الزُّروعِ والثِّمارِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ العُشرَ إنَّما يَجبُ فيما سُقيَ بعُروقِه، وهو الذي يُغرَسُ في أرضٍ ماؤُها قَريبٌ من وَجهِها تَصلُ إليه عُروقُ الشَّجرِ فيَستَغني عن سَقيٍ، وكذلك ما كانَت عُروقُه تَصلُ إلى نَهرٍ أو ساقيةٍ، وكذا ما يَشربُ من ماءٍ يَنصَبُّ إليه من جَبلٍ.
ويَجبُ نِصفُ العُشرِ فيما سُقيَ بالمُؤنِ، سَواءٌ سَقتْه النَّواضحُ أو سُقيَ بالدَّوالي أو السَّوانِي أو الدَّواليبِ، وهي التي تُديرُها البَقرُ، أو الناعُورةِ وهي
(١) «المبسوط» (٢٣، ٣٣)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢٥٥)، و «ابن عابدين» (٢/ ٣٣٥).