للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ المُنذرِ: وثبَت عن ابنِ عُمرَ أنَّه قال: مَنْ أدرَكه المَساءُ في اليومِ الثاني، فليُقمْ إلى الغَدِ حتى يَنفِرَ مع الناسِ، وما قاسوا عليه لا يُشبِهُ ما نحن فيه؛ فإنَّه تَعجُّلٌ في اليَومَين (١).

الرَّميُ ثالِثَ أيامِ التَّشريقِ:

يَجبُ رَميُ الجِمارِ الثَّلاثِ في هذا اليومِ على من تأخَّر ولم يَنفِرْ من منًى (النَّفرَ الأولَ) ووقتُه عندَ الجُمهورِ بعدَ الزَّوالِ كما تقدَّم.

وقال أبو حَنيفةَ وأحمدُ في رِوايةٍ: يَجوزُ أنْ يُقدِّمَ الرَّميَ في هذا اليومِ قبلَ الزَّوالِ بعدَ طُلوعِ الفجرِ.

واتَّفَقوا على أنَّ آخرَ وقتِ الرَّميِ في هذا اليومِ غُروبُ الشَّمسِ، وأنَّ وقتَ الرَّميِ لهذا اليومِ ولقَضاءِ ما قبلَه يَنتَهي أيضًا بغُروبِ شَمسِ اليومِ الرابِعِ، لخُروجِ وقتِ المَناسكِ بغُروبِ شَمسِه.

قال ابنُ عبدِ البرِّ : أجمَع العُلماءُ على أنَّ من لم يَرمِ الجِمارَ أيامَ التَّشريقِ حتى تَغيبَ الشَّمسُ من آخرِها لا يَرميها بعدُ، ويَجبُرُ ذلك بالدَّمِ، أو بالطَّعامِ، على حَسَبِ اختِلافِهم فيها (٢).

وقال ابنُ رُشدٍ : وأجمَعوا على أنَّ مَنْ لم يَرمِ الجِمارَ أيامَ التَّشريقِ حتى تَغيبَ الشَّمسُ من آخرِها لا يَرميها بَعدُ.

واختلَفوا في الواجبِ من الكَفارةِ، فقال مالكٌ: إنَّ مَنْ ترَك رَميَ الجِمارِ كلِّها أو بعضِها أو واحِدةٍ منها فعليه دَمٌ.

وقال أبو حَنيفةَ: إنْ ترَكها كلَّها كان عليه دَمٌ، وإنْ ترَك جَمرةً واحِدةً فصاعِدًا كان عليه لكلِّ جَمرةٍ إطعامُ مِسكينٍ نِصفَ صاعِ حِنطةٍ إلى أنْ يَبلُغَ دَمًا بتَركِ الجميعِ إلا جَمرةَ العَقَبةِ، فمَن ترَكها فعليه دَمٌ.


(١) «المغني» (٥/ ٧٩، ٨٠).
(٢) «الاستذكار» (٤/ ٣٥٧)، و «التمهيد» (١٧/ ٢٥٥، ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>