للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابِعًا: مَسحُ كلِّ الرأسِ:

قد سبَقَ بَيانُ أنَّ مَسحَ جَميعِ الرأسِ فَرضٌ عندَ الإمامِ مالِكٍ وأحمدَ في المَشهورِ عنه.

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ مِنْ سُننِ الوُضوءِ مَسحَ جَميعِ الرأسِ، واستدَلَّ الحَنفيةُ على ذلك بما رَواه عبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ أنَّ النَّبيَّ : «مسَحَ رَأسَه بيَدَيه كِلتَيهما أقبَلَ بهما وأدبَرَ» (١). وبما ورَدَ أنَّ النَّبيَّ : «تَوضَّأ ومسَحَ رَأسَه كُلَّه» (٢). قالوا: «إنَّه مسَحَ بناصِيَتِه» (٣)، فيَكونُ مَسحُ الرُّبعِ فَرضًا ومَسحُ الجَميعِ سُنةً.

ونَصُّوا على أنَّ المُتوضِّئَ إذا داوَمَ على تَركِ استِيعابِ كلِّ الرأسِ بالمَسحِ بلا عُذرٍ يأثَمُ، قالوا: وكأنَّه لظُهورِ رَغبتِه عن السُّنةِ.

وقالَ الشافِعيةُ: يُسنُّ للمُتوضِّئِ مَسحُ كلِّ الرأسِ للاتِّباعِ، وخُروجًا من خِلافِ مَنْ أوجَبَه.

قالَ القُرطُبيُّ: أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ مَنْ مسَحَ رأسَه كلَّه فقد أحسَنَ وفعَلَ ما يَلزمُه (٤).


(١) رواه ومسلم (٢٧٤) من حديث المغيرة بن شعبة.
(٢) رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (١٥٧).
(٣) رواه البخاري (١٨٥)، ومسلم (٢٣٥).
(٤) «تفسير القرطبي» (٣/ ٤٥٩)، وينظر: «الاختيار» (١/ ٨)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٩٥)، و «رد المحتار» (١/ ٢٤٣)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٧)، و «شرح الزرقاني» (١/ ٦٩)، و «التاج والإكليل» (١/ ٢٠٢)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٧٤)، و «المجموع» (١/ ٤٥٨)، و «تحفة الأحوذي» (١/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>