للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا، وإنْ لَم يُصَدِّقْه قالَ الكاسانيُّ: يَنبَغي أنْ يَكونَ على الِاختِلافِ في العَدلِ عندَ أبي حَنيفةَ، لا يَكونُ وَكيلًا، وعندَ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ يَكونُ وَكيلًا، كما في العَزلِ (١).

وذهَب الشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يُشترَطُ عِلمُ الوَكيلِ بالوَكالةِ، فلَو تصرَّفَ الوَكيلُ قبلَ العِلمِ بالوَكالةِ، ثم بانَ وَكيلًا، صَحَّ تَصرُّفُه (٢).

قالَ الحَنابِلةُ: لا يُشترَطُ لصحَّةِ الوَكالةِ عِلمُ الوَكيلِ بالوَكالةِ؛ فإذا وكَّله في بَيعِ دارِه مثلًا، ولَم يَعلَمِ الوَكيلُ، فباعَها على أنَّه فُضوليٌّ، وبانَ أنَّه كانَ وكَّله في بَيعِه، نَفَذَ بَيعُه؛ لأنَّ الِاعتِبارَ في العُقودِ بما في الأمْرِ نَفْسِه، لا بما في ظَنِّ المُكَلَّفِ (٣).

تَعليقُ الوَكالةِ على شَرطٍ وإضافَتُها إلى وَقتٍ:

فرَّق العُلماءُ بينَ أمرَيْنِ:

الأوَّلُ: تَنجيزُ الوَكالةِ في الحالِ، إلَّا أنَّه علَّق تَصرُّفَ الوَكيلِ على شَرطٍ، مثلَ أنْ يَقولَ: وَكَّلتُكَ في بَيعِ بَيْتِي، ولكنْ لا تَبِعْه حتى يَجيءَ رَأْسُ الشَّهرِ؛ فهذه وَكالةٌ صَحيحةٌ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ؛ لأنَّه عَجَّلَ عَقدَ الوَكالةِ، ولَم يُعَلِّقِ


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠، ٢١)، و «المبسوط» (١٩/ ١٢٧)، والعناية (١٠/ ٣٥٨، ٣٥٩)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٠٧)، و «ابن عابدين» (٧/ ٤٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٨)، و «حاشية قليوبي وعميرة» (٢/ ٨٥١).
(٣) «كشاف القناع» (٣/ ٥٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٢)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>