للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفوا فيما إذا أقَرَّ بشُربِ الخَمرِ ولم يُوجَدْ منه رِيحٌ، فقالَ أبو حَنيفةَ وأحمَدُ: لا يَلزمُه الحَدُّ، وقالَ مالكٌ: يَلزمُه الحَدُّ (١).

الثَّاني: البيِّنةُ: وهي شَهادةُ رَجلينِ عَدلينِ مُسلمَينِ:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّ حَدَّ الشُربِ يَثبتُ برَجلينِ مُسلمَينِ عَدلينِ يَشهدانِ أنه شَربَ مُسكِرًا، ولا يَثبتُ بكافرَينِ ولا برَجلٍ وامرَأتينِ؛ لأنَّ البيِّنةَ ناقصةٌ.

قالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ : واتَّفقوا أنَّ عَدلينِ يُقبَلانِ في الخمرِ إذا ذكَرَا أنهُما رَأَياهُ يَشربُ خَمرًا إذا لم يَكنْ بينَ شَهادتِهما وشُربِه إلا أقَلُّ مِنْ شَهرٍ، وكذلكَ في شَهادةِ السرقةِ.

واختَلفوا في عَدلينِ شَهدَا على سَكرانَ بشُربِ الخمرِ ثمَّ لم يُؤْتَ به إلا بعدَ ذهابِ سُكرِه الحَدُّ أم لا (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأما البيِّنةُ فلا تَكونُ إلا رَجلينِ عَدلينِ مُسلمَينِ يَشهدانِ أنه مُسكِرٌ، ولا يَحتاجانِ إلى بَيانِ نوعِه؛ لأنه لا يَنقسمُ إلى ما يُوجِبُ الحَدَّ وإلى ما لا يُوجبُه، بخِلافِ الزنا؛ فإنه يُطلَقُ على الصَّريحِ وعلى دَواعيهِ، ولهذا قالَ النبيُّ : «العَينانِ تَزنيانِ واليَدانِ تَزنيانِ والفَرجُ يُصدِّقُ ذلكَ أو يُكذبُه»، فلهذا احتاجَ الشاهِدانِ إلى تَفسيرِه، وفي


(١) «الإفصاح» (٢/ ٢٩٥).
(٢) «مراتب الإجماع» ص (١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>