للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - تَعدُّد رَبِّ مالِ المُضاربةِ لِمُضارِبٍ آخَرَ غَيرِ رَبِّ المالِ الأولِ:

اتَّفَق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَجوزُ لِلمُضاربِ أنْ يُضارِبَ لِأكثرَ مِنْ واحِدٍ؛ فإذا أخَذَ إنسانٌ مالًا لِلمُضاربةِ ثم أرادَ أخْذَ مُضاربةٍ أُخرى مِنْ آخَرَ جازَ، سَواءٌ أذِنَ له الأولُ أو لَم يَأذَنْ، إذا لَم يَكُنْ عليه ضَرَرٌ.

قال ابنُ قُدامةَ : بغَيرِ خِلافٍ (١).

وإنْ كان فيه ضَررٌ على رَبِّ المالِ الأولِ ولَم يَأذنْ له، مِثلَ أنْ يَكونَ المالُ الثاني كَثيرًا يَحتاجُ إلى أنْ يَقطعَ زَمانَه ويَشغَلَه عن التِّجارةِ في الأولِ أو أنْ يَكونَ المالُ الأولُ كَثيرًا متى اشتَغَل عنه بغَيرِه انقَطَع عن بَعضِ تَصرُّفاتِه، لَم يَجُزْ له ذلك عندَ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ.

قال ابنُ قُدامةَ : وقال أكثَرُ الفُقهاءِ: يَجوزُ؛ لأنَّه عَقدٌ لا يَملِكُ به مَنافِعَه كلَّها، فلَم يَمنَعْ مِنَ المُضاربةِ، كما لو لَم يَكُنْ فيه ضَررٌ، وكالأجيرِ المُشترَكِ.

ولنا: أنَّ المُضاربةَ على الحَظِّ والنَّماءِ، فإذا فعَل ما تَمنَعه لَم يَكُنْ له كما لو أرادَ التَّصرُّفَ بالعَينِ وفارَق ما لا ضَررَ فيه.

فعلى هذا إذا فعَل ورَبِح رَدَّ الرِّبحَ في شَركةِ الأولِ ويَقتَسِمانِه (٢)، فليَنظُرْ ما رَبِح في المُضارَبةِ الأُخرى ويَدفَعْ إلى رَبِّ المالِ منها نَصيبَه ويأخُذِ المُضارِبُ نَصيبَه مِنَ الرِّبحِ فيَضُمَّه إلى رِبحِ المُضاربةِ الأُولى ويُقاسِمْه رَبَّ


(١) «المغني» (٥/ ٣٠).
(٢) قال ابنُ تَيميَّةَ: لا يردُّ كعَملِه في مالِه أو إِيجارِ نفسِه، «الفروع» (٤/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>