أحَدُهما -وهو أصَحُّهُما عندَ الحَنابِلةِ-: يَجوزُ لِذلك، ولأنَّه لَم يُخالِفْ صَريحَ نَهْيِه، أشبَهَ ما زادَ على الخَمسينَ، ولأنَّه مَأْذونٌ فيه عُرفًا، وإنَّما خرَج الخَمسونَ بالنَّهْيِ، فبَقيَ غيرُها على العُرفِ.
والآخَرُ: لا يَجوزُ؛ لأنَّه نَهاه عن الخَمسينَ استِقلالًا لها، فكانَ تَنبيهًا على النَّهْيِ عَمَّا هو أقَلُّ مِنهُما، كما أنَّ الإذْنَ في الشِّراءِ بمِئةٍ إذْنٌ فيما دونَها، فجَرى ذلك مَجرَى صَريحِ نَهْيِه؛ فإنَّ تَنبيهَ الكَلامِ كنَصِّه (١).
٢ - المُخالَفةُ في جِنسِ الثَّمنِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو قالَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ: اشتَرِ لي مثلًا هذا العَبدَ بألْفِ دِينارٍ، فاشتَراه بألْفَيْ دِينارٍ مثلًا، أو اشترَى بغيرِ الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، أو بغيرِ جِنسِ الثَّمنِ الذي حَدَّدَه له، كالدُّولارِ أوِ اللِّيرةِ أوِ الجُنَيهِ مثلًا، هَلْ يَصحُّ الشِّراءُ أو لا؟
فَذهَب الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والقاضي مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّه لا يَصحُّ.
قالَ الحَنفيَّةُ: لو قالَ: اشتَرِ لي جاريةً بألْفِ دِرهَمٍ أو بمِئةِ دِينارٍ، فاشترَى جاريةً بما سِوَى الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ لا تَلزَمُ المُوكِّلَ إجماعًا؛ لأنَّ الجِنسَ مُختَلِفٌ، فيَكونُ مُخالِفًا.
ولو قالَ: اشتَرِ لي هذه الجاريةَ بمِئةِ دِينارٍ، فاشتَراها بألْفِ دِرهَمٍ
(١) «البيان» (٦/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥١١، ٥١٢)، و «المغني» (٥/ ٧٩)، و «الفروع» (٤/ ٨٣)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٤).