للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشافِعيةُ: إنْ شاءَ عرَّفَه ويُنفقُ عليه مدةَ التَّعريفِ، ويَتملكُه بعدَ التَّعريفِ كغيرِه، فإنْ أرادَ الرُّجوعَ استَأذنَ الحاكِمُ، فإنْ لَم يَجدْه أشهَدَ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: فإنْ أنفَقَ المُلتقِطَ عليها بغيرِ إِذنِ الحاكِمِ فهو مُتبَرعٌ؛ لقُصورِ وِلايتِه عن ذِمةِ المالِكِ، وإنْ أنفَقَ بأَمرِه كانَ ذلك دَينًا على صاحِبِها؛ لأنَّ للقاضيِّ وِلايةً في مالِ الغائِبِ نظرًا له، وقد يَكونُ النَّظرُ في الإِنفاقِ (٢).

الخَصلةُ الثالثةُ: أنْ يَبيعَها ويَحفظَ ثَمنَها ثُم يَتملكُ الثَّمنَ:

وله أنْ يَتولى ذلك بنفسِه عندَ الحَنابِلةِ والشافِعيةِ في مُقابلِ الأَصحِّ، ولا يُشترطُ إِذنُ الإِمامِ؛ لأنَّه إذا جازَ له أَكلُها بغيرِ إِذنٍ فبَيعُها أَولى.


= بشُيوخِ المَذهبِ الكبارِ الأَجلاءِ وهو أبو مُحمدٍ المَقدسيُّ قدسَ اللهُ رُوحَه، ولقد أَحسنَ في اختِيارِه التَّخييرَ كلَّ الإِحسانِ.
وأما مُخالَفةُ الدَّليلِ، فأينَ في الدليلِ الشرعيِّ المنعُ من التَّصرفِ في الشاةِ المُلتقَطةِ في المَفازةِ وفي السفرِ بالبيعِ والأكلِ وإِيجابِ تَعريفِها والإِنفاقِ عليها سنةً معَ الرُّجوعِ بالإنفاقِ أو مع عدمِه؟ هذا ما لا تأتِي به شَريعةٌ فضلًا أن يَقومَ عليه دليلٌ، وقولُه : «احبسْ على أخِيك ضالتَه» صَريحٌ في أنَّ المرادَ به أن لا يَستأثرَ بها دونَه، ويَزيلَ حقَّه فإذا كانَ بيعُها وحفظُ ثمنِها خيرًا له من تَعريفِها سنةً والإِنفاقِ عليها وتَغريمِ صاحبِها أَضعاف قِيمتِها كانَ حبسُها وردُّها عليه هو بالتَّخييرِ الذي يَكونُ له فيه الحظُّ، والحديثُ يَقتضِيه بفَحواه وقوتِه وهذا ظاهرٌ وباللهِ التَّوفيقُ. «زاد المعاد» (٣/ ٦٥٩، ٦٦١).
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٠)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٦).
(٢) «الهداية» (٢/ ١٧٦)، و «الاختيار» (٣/ ٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٣، ١٩٤)، و «اللباب» (١/ ٦٦٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>