للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتنَعَ حُكِمَ عليه بالرَّدِّ وبطَلَ حَقُّه من الوَصيةِ؛ لأنَّها إنَّما تَنتقِلُ إلى مِلكِه بالقَبولِ ولم يُوجَدْ، ولأنَّ المِلكَ مُتردِّدٌ بينَه وبينَ الوَرثةِ، كما لو تحَجَّرَ أرضًا فامتنَعَ من إِحيائِها أو وقَفَ في مَشرَعةِ ماءٍ فلم يأخُذْ ولم يَنصرِفْ (١).

وفي قَولٍ للحَنابِلةِ: إذا لم يَقبَلْ بعدَ مَوتِه ولا رَدَّ فحُكمُه حُكمُ مُتحجِّرِ المَواتِ (٢).

لو رَدَّ الوَصيةَ وخَصَّ بها بعضَ الوَرثةِ:

ذهَبَ عامَّةُ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُوصَى له إذا رَدَّ الوَصيةَ وخَصَّ بها بعضَ الوَرثةِ لم يَختَصَّ بها، وإنَّما تَكونُ لجَميعِهم يَتحاصُّونَ فيها.

وقالَ السَّرخَسيُّ: وإذا أَوصَى رَجلٌ بوَصيةٍ فقبِلَها بعدَ مَوتِه ثم رَدَّها على الوَرثةِ فرَدُّه جائِزٌ إذا قبِلوا ذلك؛ لأنَّ الرَّدَّ عليهم فَسخٌ للوَصيةِ وهم قائِمونَ مَقامَ المَيتِ.

ولو تُصوِّرَ منه الرَّدُّ على المَيتِ كانَ ذلك صَحيحًا إذا قبِلَه، فكذلك إذا رَدَّها على الوَرثةِ الذين يَقومونَ مَقامَه، وهذا لأنَّ فَسخَ العَقدِ مُعتبَرٌ بالعَقدِ فإذا كانَ أصلُ هذا العَقدِ يَتمُّ بالإِيجابِ والقَبولِ كذلك يَجوزُ فَسخُه


(١) «المهذب» (١/ ٤٥٢، ٤٥٣)، و «البيان» (٨/ ١٧٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠٣)، و «الكافي» (٢/ ٤٨٣)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٠٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٥٩)، و «روضة القضاة» (٢/ ٦٨٣).
(٢) «الإنصاف» (٧/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>