للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّيرازيُّ: فإنْ قُلنا: إنَّ الحَملَ له حُكمٌ؛ فهو كاللَّبَنِ والثَّمرةِ، وإنْ قُلنا: لا حُكمَ له، لَم يُحَطُّ مِنْ الثَّمنِ لِأجلِه شَيءٌ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ تَغيَّرتِ السِّلعةُ بزيادةٍ لِنَمائِها، كالسَّمنِ وتَعليمِ صَنعةٍ، أو يَحصُلُ منها نَماءٌ مُنفصِلٌ، كالوَلَدِ والثَّمرةِ والكَسبِ، فإنْ أرادَ أنْ يَبيعَها مُرابَحةً، أخبَرَ بالثَّمنِ مِنْ غيرِ زيادةٍ؛ لأنَّه القَدْرُ الذي اشتَراها به، وإنْ أخَذ النَّماءَ المُنفصِلَ أخبَرَ برَأسِ المالِ، ولَم يَلزَمْه تَبيينُ الحالِ؛ لأنَّه صادِقٌ فيما أخبَرَ به مِنْ غيرِ تَغريرٍ بالمُشتَري، فجازَ، كما لو لَم يَزِدْ، ولأنَّ الوَلَدَ والثَّمرةَ نَماءٌ مُنفصِلٌ، فلَم يَمنَعْ مِنْ بَيعِ المُرابَحةِ بدُونِ ذِكرِه، كالغَلَّةِ.

ورَوى ابنُ المُنذِرِ عن أحمدَ أنَّه يَلزَمُه تَبيينُ ذلك كُلِّه، وهو قَولُ إسحاقَ (٢).

إضافةُ المُشتَري الأوَّلِ شَيئًا إلى المَبيعِ:

قالَ الحَنفيَّةُ: لا بَأسَ بأنْ يُلحَقَ برَأسِ المالِ أُجرةُ القَصَّارِ والصَّبَّاغِ والغَسَّالِ والفَتَّالِ والخَيَّاطِ والسِّمسارِ وسائِقِ الغَنَمِ والكِراءِ، ويُلحَقَ به عَلَفُ الدَّوابِّ، ويُباعُ مُرابَحةً وتَوليةً على الكُلِّ، اعتِبارًا لِلعُرفِ؛ لأنَّ العادةَ فيما بينَ التُّجَّارِ أنَّهم يُلحِقونَ هذه المُؤَنَ برَأسِ المالِ، ويَعُدُّونَها منه، ولأنَّ عُرفَ المُسلِمينَ وعادَتَهم حُجَّةٌ مُطلَقةٌ، جاءَ في الحَديثِ المَوقوفِ على ابنِ مَسعودٍ : «ما رَآه المُسلِمونَ حَسَنًا فهو عندَ اللَّهِ حَسَنٌ، وما رَآه


(١) «المهذب» (١/ ٢٨٩)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٣٣٦، ٣٣٧).
(٢) «المغني» (٤/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>