للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في الوَقفِ على الأَوْلادِ والذرِّيةِ

الواقفُ قد يَقفُ على أولادِه أو أولادِه وأولادِ أولادِه أو على ذُرِّيتِه، وهذا جائِزٌ عند عامَّةِ الفُقهاءِ.

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا في بَعضِ المَسائلِ التي تَختصُّ بالوَقفِ على الأولادِ، هل يَدخلُ فيهم مَنْ سيُولَدُ؟ وهَل يَجبُ التَّسويةُ بينَهُم؟ وهَل يَدخلُ فيهم أبناءُ البِنتِ؟ على تَفصيلٍ سَيأتي بَيانُه إنْ شاءَ اللهُ.

الوَقفُ عَلى الأولادِ:

الواقِفُ إذا ذكَرَ طَبقةً واحِدةً في الوَقفِ على الأولادِ كأنْ قالَ: «وقَفْتُ على ولَدي، أوْ وَقَفتُ على ولَدي ثُمَّ على المَساكينِ» فقدِ اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يَنفرِدُ بالاستِحقاقِ مَنْ يَكونُ مَوجودًا مِنْ أولادِه حالَ الوَقفِ، ولو جَنينًا (١)،


(١) وهذا مَذهبُ جُمهورُ الفُقهاءِ -كما تقدَّمَ- الحَنفيةِ والمالِكيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ والشافِعيةِ في قَولٍ.
وقالَ الشافِعيةُ في المَذهبِ: لا يَدخلُ الجَنينُ إلا إنِ انفَصلَ دخَلَ معُهم واستَحقَّ ما يَحدثُ مِنْ الغلَّةِ بعدَ الانفصالِ دونَ ما كانَ حدَثَ قبلَ الانفصالِ؛ لأنه قبلَ الانفِصالِ لا يُسمَّى ولَدًا إلا أنْ يَكونَ الواقِفُ قد سمَّى المَوجودينَ أو ذكَرَ عدَدَهم فلا يَدخلُ. يُنظَر: «المهذب» (١/ ٤٤٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٥٥).
وقالَ الرُّحيبانِيُّ: (لا) يَدخلُ ولَدٌ (حادِثٌ) للواقِفِ، بأنْ حمَلَتْ به أمُّه بعدَ صُدورِ الوَقفِ منه، قدَّمَه في «الرِّعايتَين» و «الحاوِي الصَّغير» و «النَّظْم»، وقطَعَ به في «التَّنقِيح»، وتَبعَه في «المُنتَهى» (خِلافًا لهُ) -أي: لصاحِبِ «الإقْنَاع» - فإنه قالَ: وإنْ حدَثَ للواقِفِ وَلدٌ بعدَ وَقفِه استَحقَّ كالمَوجودينَ، والمُعتمَدُ ما قالَه المُصنِّفُ، ومَحلُّ ذلكَ (ما لم يَقُلِ) الواقِفُ: «وَقَفتُ كذا على وَلدي» (ومَن يُولَدُ لي)، فإنْ قالَ ذلكَ دخَلَ مَنْ كانَ مَوجودًا حال الوَقفِ ومَن يَحدثُ بعدَه. «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>