للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُزومُ كلِّ واحِدٍ منهما ما قَبِلَه صاحِبُه:

قال جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ: يَلزمُ كلَّ واحِدٍ مِنْ شُركاءِ العَملِ ما قَبِلَه صاحبُه، ويَلزمُه ضَمانُ ما قَبِلَه صاحبُه بلا إذنِه.

قال الحَنفيَّةُ: ما يَتقبَّلُه كلُّ واحِدٍ منهما مِنَ العَملِ يَلزمُه ويَلزمُ شَريكَه؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما مُتقبِّلٌ لِنَفْسِه أصالةً، ولِشَريكِه وَكالةً، وفائِدتُه: أنَّ لكلِّ واحدٍ منهما أنْ يُطالِبَ بالعَملِ ويُطالِبَ بالأُجرةِ، ويُبرأُ الدافِعُ بالدَّفعِ إليه، فلِصاحبِ الثَّوبِ أنْ يأخذَ الشَّريكَ بعَملِه، ولِلشَّريكِ الذي لَم يَتقبَّلِ العَملَ أنْ يُطالبَ رَبَّ الثَّوبِ مَثلًا بالأُجرةِ، ويُبرأُ الدافِعُ بدَفعِ الأُجرةِ إليه، وإنْ كان عَملَه الذي تَقبَّلَه (١).

وقال المالِكيَّةُ: ولَزِم كُلًّا مِنْ شُركاءِ العَملِ ما قَبِلَه صاحبُه، فيَلزمُ الآخرَ عَملُه، ولَزمَه ضَمانُ ما قَبِلَه صاحبُه بلا إذنِه؛ لأنَّهما صارا كالرَّجلِ الواحِدِ، فمَتى ضاعَ شَيءٌ عن أحَدِهما أو تَلِف ضَمِناه معًا. وإنِ افتَرقا فما قَبِلاه أو أحَدُهما حالَ الاجتِماعِ فهو في ضَمانِهما.

وهذا إذا قَبِله في حُضورِ صاحبِه أو غَيبتِه القَريبةِ كاليَومَيْن، أو حالَ مَرضِه القَريبِ اللَّذَيْن يُلغيانِ؛ فإنْ قَبِله في غَيبَتِه أو مَرضِه الطَّويلَيْن؛ فإنَّه لا يَلزمُ صاحبَه ضَمانُه، ولا العَملُ معه (٢).


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٤)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٨٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٣)، و «مجمع الضمانات» (٦٤٧)، و «العناية» (٨/ ٢٩٨، ٢٩٩).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٥٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٦٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٦٠)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٨/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>