للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتَسفيرِه إلى المَوضِعِ الذي أذِنَ له فيه مُعتَقِدًا أنَّه مُستحِقٌّ لِلنَّفقةِ ذاهِبًا وراجِعًا؛ فإذا قطَع عنه النَّفقةَ تَضرَّر بذلك (١).

وأمَّا الشافِعيَّةُ فقالوا: إذا شرَط النَّفقةَ في السَّفرِ أو الحَضرِ فسَد العَقدُ في الأصَحِّ، وفي مُقابِلِ الأصَحِّ: يَصحُّ؛ لأنَّه مِنْ مَصالِحِ العَقدِ (٢).

ثانيًا: أنْ يُضارِبَ بالمالِ في السَّفرِ:

اختلَف الفُقهاءُ في المُضارِبِ إذا سافَرَ بمالِ مُضاربةً هل تَكونُ نَفقَتُه في أثناء السَّفرِ مِنْ مالِ المُضاربةِ أو مِنْ مالِ نَفْسِه؟

فذهَب الشافِعيَّةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ نَفقةَ المُضارِبِ تَكونُ مِنْ مالِ نَفْسِه، وليس مِنْ مالِ المُضاربةِ؛ لأنَّ نَفَقتَه تَخُصُّه، فكانت عليه كنَفَقةِ الحَضرِ، وأجرِ الطَّبيبِ وثَمنِ الطِّبِّ، ولأنَّه دخَل على أنَّه يَستحِقُّ مِنَ الرِّبحِ الجُزءَ المُسمَّى فلا يَكونُ له غَيرُه، ولأنَّه لو استَحقَّ النَّفقةَ أفضَى إلى أنْ يَختصَّ بالرِّبحِ إذا لَم يَربَحْ سِوى ما أنفَقَه؛ لأنَّ النَّفقةَ قد تَستغرِقُ الرِّبحَ فيَلزمُ انفِرادُه به، وقد تَزيدُ عليه فيَلزمُ أخذُه مِنْ رأسِ المالِ، وهو يُنافي مُقتَضاه.

فإنْ شرَط النَّفقةَ في السَّفرِ أو الحَضرِ فسَدَت المُضاربةُ عندَ الشافِعيَّةِ في الأصَحِّ كما تَقدَّم.


(١) «المغني» (٥/ ٢٤، ٢٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٣، ٦٠٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٧٥، ٥٧٦)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٢٨، ٥٢٩).
(٢) «البيان» (٧/ ٢١٢، ٢١٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٥، ٧٥٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٥٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٨، ٢٦٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٧)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>