للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلَكُم ولَهُم، وإنْ أخطَأُوا فلَكُم وعَليهِم» (١)، فهذا نَصٌّ في أنَّ الإمامَ إذا أخطَأَ كانَ دَركُ خَطئِه عَليهِ لا على المأمومِينَ، فمَن صلَّى مُعتقِدًا لَطهارتِه وكانَ مُحدِثًا أو جُنبًا أو كانَتْ عَليهِ نَجاسةٌ وقُلنا «عَليهِ الإعادةُ للنَّجاسةِ كما يُعيدِ مِنْ الحدَثِ» فهذا الإمامُ مُخطِئٌ في هذا الاعتِقادِ، فيَكونُ خَطؤُه عَليهِ، فيُعيدُ صَلاتَه، وأمَّا المأمومُونَ فلَهُم هذهِ الصَّلاةُ، وليسَ عَليهِم مِنْ خَطئِه شَيءٌ، كمَا صرَّحَ بهِ رَسولُ اللهِ ، وهذا نَصٌّ في إجزاءِ صَلاتهِم.

وكذلكَ لو ترَكَ الإمامُ بعضَ فَرائضِ الصَّلاةِ بِتأويلٍ أخطَأَ فيهِ عِنْدَ المأمومِ، مثلَ أنْ يَمسَّ ذكَرَه ويُصلِّي، أو يَحتجِمَ ويُصلِّي، أو يَتركُ قراءةَ البَسملةِ، أو يُصلِّي وعَليهِ نَجاسةٌ لا يُعفَى عنها عِنْدَ المأمومِ ونَحوِ ذلكَ، فهذا الأمامُ أسوَأُ أحوالِه أنْ يكونَ مُخطِئًا إنْ لم يَكنْ مُصيبًا، فتكونُ هذهِ الصَّلاةُ للمأمومِ وليسَ عَليهِ مِنْ خطَأِ إمامِه شَيءٌ (٢).

الحالةُ الثَّالثةُ: إذا عَلِمَ الإمامُ بحَدثِ نفْسِه في الصَّلاةِ أو عَلِمَه المأمومُونَ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو عَلِمَ الإمامُ في الصَّلاةِ بحدَثِ نفْسِه أو عَلِمَ المأمومُونَ بحدَثِ الإمامِ، هل تَبطلُ صَلاتُهم أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الإمامَ إذا عَلِمَ بحدَثِ نفْسِه في الصَّلاةِ وتَمادى فيها جاهِلًا أو مُستحيِيًا أو عَلِمَ


(١) رواه البخاري (٦٦٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٧٠، ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>