للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ إلى أنَّ السرقةَ تَثبتُ بيَمينِ المُدَّعي المَردودةِ، كأنْ يَدَّعيَ على شَخصٍ سَرقةَ نِصابٍ فيَنكلُ عن اليَمينِ فتُرَدُّ على المُدَّعي ويَحلفَ فيَجبُ القَطعُ؛ لأنَّ اليَمينَ المَردودةَ كالإقرارِ أو البيِّنةِ، والقَطعُ يَجبُ بكُلٍّ منهُما، فأشبَهَ القِصاصَ، أمَّا إنْ حلَفَ ولم يَنكلْ فلا شيءَ عليهِ (١).

هل يُشترطُ طَلبُ المسرُوقِ منه حتَّى تُقطعَ يَدُ السارقِ أم لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ثَبتَتِ السرقةُ بإقرارِ السارقِ أو بشَهادةِ الشُّهودِ، هل يُقامُ عليه الحَدُّ؟ أم لا بُدَّ مِنْ مُطالَبةِ المَسروقِ منه بمالِه أو وَكيلِه؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يُشترطُ مُطالَبةُ المَسروقِ منه للمالِ؛ لأنَّ المالَ يُباحُ بالبَذلِ والإباحةِ، فيَحتملُ إباحةَ مالِكِه إياهُ أو إذنَه له في دُخولَ حِرزِه أو وقْفَه على المُسلمينَ أو على طائفةِ السارقِ منهُم ونحوَه مما يُسقطُ القَطعَ، فاعتُبِرَ الطلبُ لنفيِ هذا الاحتِمالِ وانتِفاءِ الشُّبهةِ.

ولأنَّ القَطعَ أوسَعُ في الإسقاطِ، ألَا تَرى أنه إذا سَرقَ مالَ ابنِه لم يُقطَعْ، ولو زنَى بجارِيتِه حُدَّ، ولأنَّ القَطعَ شُرعَ لصِيانةِ مالِ الآدَميِّ، فله به تَعلُّقٌ،


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٨١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>