للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحصارُ مَنْ اشتَرطَ في إحرامِه التَّحلُّلَ إذا حصَلَ له مانِعٌ:

ومَعنى الاشتِراطِ في الإحرامِ هو أنْ يَقولَ المُحرِمُ عندَ الإحرامِ: «لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ حَجًّا أو عُمرةً، إلا أنْ يَمنعَني منه ما لا أَقدِرُ على النُّهوضِ، فيَكونَ مَحِلِّي حيثُ حبَستَني».

وقد اختلَف الفُقهاءُ في جوازِ الاشتِراطِ في الإحرامِ.

فقال الحَنفيةُ والمالِكيةُ: الاشتِراطُ في الإحرامِ باطِلٌ، ويَمضي على إحرامِه حتى يُتِمَّه على سُنتِه ولا يَنفعُه قولُه: «مَحِلِّي حيثُ حبَستَني»؛ لِما رَوى سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ عن أبيه: «أنَّه كان يُنْكِرُ الاشتِراطَ في الحَجِّ»، ويَقولَ: «أليسَ حَسْبُكم سُنةُ رَسولِ اللهِ إنْ حُبس أحدُكم عن الحَجِّ طافَ بالبَيتِ وبِالصَّفا والمَروةِ ثم حلَّ مِنْ كلِّ شيءٍ حتى يحُجَّ عامًا قابِلًا فيُهديَ أو يَصومَ إنْ لم يَجدْ هَديًا» (١) (٢).

وذهَب الشافِعيةُ في الأصحِّ والحَنابلةُ إلى أنَّ مَنْ شرَط في ابتِداءِ إحرامِه أنْ يَحلَّ متى مرِض أو ضاعَت نفَقتُه أو نَفِدت أو حدَث نحوُ ذلك، أو قال: «إنْ حبَسني حابِسٌ فمحِلِّي حيثُ حبَستَني»، فله التَّحلُّلُ متى وجَد ذلك، ولا شيءَ عليه، ليس عليه هَديٌ ولا قَضاءٌ ولا غيرُهما، فإنَّ للشَّرطِ تَأثيرًا في


(١) رواه البخاري (١٧١٥).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٩٦)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ١٨٥، ١٨٦)، و «الاستذكار» (٤/ ٤١٠)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٩٧)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>