الغاصِبَ سَبَبُ يَدِ العامِلِ، فلَزِمَه ضَمانُ الجَميعِ؛ فإنْ ضَمَّنَه الكلَّ رَجعَ على العامِلِ بقَدْرِ نَصيبِه؛ لأنَّ التَّلَفَ وُجِدَ في يَدِه، فاستَقرَّ الضَّمانُ عليه، ويَرجِعُ العامِلُ على الغاصِبِ بأجْرِ مِثلِه، قالَ ابنُ قُدامةَ: ويُحتَمَلُ ألَّا يَرجِعَ الغاصِبُ على العامِلِ بشَيءٍ؛ لأنَّه غرَّه؛ فلَم يَرجِعْ عليه، كَما لَو أطعَم إنسانًا شَيئًا، وقالَ لَهُ: كُلْه؛ فإنَّه طَعامي، ثم تَبيَّنَ أنَّه مَغصوبٌ، وإنْ ضَمِنَ العامِلُ احتَمَلَ أنَّه لا يُضَمِّنُه إلَّا نَصيبَه خاصَّةً؛ لأنَّه ما قَبَضَ الثَّمرةَ كلَّها، وإنَّما كانَ مُراعيًا لَها وحافِظًا؛ فلا يَلزَمُه ضَمانُها، ما لَم يَقبِضْها، ويُحتَمَلُ أنْ يُضَمِّنَه الكلَّ؛ لأنَّ يَدَه ثبَتَتْ على الكلِّ مُشاهَدةً بغَيرِ حَقٍّ؛ فإنْ ضَمَّنَه الكلَّ رَجعَ العامِلُ على الغاصِبِ ببَدَلِ نَصيبِه مِنها وأجْرِ مِثلِه، وإنْ ضَمِنَ كلُّ واحِدٍ مِنهما ما صارَ إليه رَجعَ العامِلُ على الغاصِبِ بأجْرِ مِثلِه لا غَيرُ.
وإنْ تَلِفَتِ الثَّمرةُ في شَجرِها أو بعدَ الجِذاذِ قبلَ القِسمةِ فمَن جعلَ العامِلَ قابِضًا لَها بثُبوتِ يَدِه على حائِطِها قالَ: يَلزَمُه ضَمانُها، ومَن جعلَه لا يَكونُ قابِضًا إلَّا بأخْذٍ نَصيبِه مِنها قالَ: لا يَلزَمُه الضَّمانُ، ويَكونُ على الغاصِبِ (١).
رابِعًا: تَصرُّفُ المالِكِ:
المَقصودُ بتَصرُّفِ المالِكِ هو بَيْعُ المالِكِ الحَديقةَ المُساقَى عليها في المدَّةِ.
قالَ الشافِعيَّةُ: بَيعُ المالِكِ شَجرَ المُساقاةِ قبلَ خُروجِ الثَّمرِ لا يَصحُّ؛ لأنَّ لِلعاملِ حَقًّا فيها، فكَأنَّ المالِكَ استَثنَى بَعضَها.
(١) «المغني» (٥/ ٢٣٩، ٢٤٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣٢، ٦٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute