الرُّكنُ الرَّابِعُ: المُوكَّلُ فيهِ وهو مَحَلُّ الوَكالةِ:
مَحَلُّ الوَكالةِ هو التَصرُّفُ المَأذونُ فيه مِنْ المُوكِّلِ لِلوَكيلِ بمِلْكٍ أو وِلايةٍ، فلا يَصحُّ التَّوكيلُ ولا التَّوكُّلُ إلَّا ممَّن يَصحُّ تَصرُّفُه فيه، سَواءٌ كانَتِ الوَكالةُ عامَّةً أو خاصَّةً، وقَد ذكَر الفُقهاءُ شُروطًا لِمَحَلِّ الوَكالةِ، وما تَصحُّ فيه الوَكالةُ وما لا تَصحُّ، مِنها ما هو مُتفَقٌ عليه، ومِنها ما هو مُختلَفٌ فيه، وبَيانُه على هذا التَّفصيلِ الآتي:
بَيانُ كلِّ شَرطٍ وما يَدخُلُ تَحتَه مِنْ المَسائِلِ:
الشَّرطُ الأوَّلُ: أنْ يَكونَ المَوكولُ فيه مَملوكًا لِلمُوكِّلِ:
اشترَطَ الفُقهاءُ لصحَّةِ الوَكالةِ أنْ يَكونَ المُوكَّلُ فيه مَملوكًا لِلمُوكِّلِ حالَ التَّوكيلِ؛ لأنَّ ما لا يَملِكُه لا يُتَصوَّرُ تَفويضُ التَصرُّفِ به لِغيرِهِ؛ لأنَّه لا تَصحُّ الوَكالةُ إلَّا فيما يَصحُّ تَصرُّفُه فيه (١). وبِناءً عليه لا يَصحُّ التَّوكيلُ في طَلاقِ مَنْ سَيَتَزوَّجُها، أو بَيعِ ما سَيَملِكُه، أو تَزويجِ مَنْ سَتَنقَضي عِدَّتُها:
فقَد نَصَّ الشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ على أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ في طَلاقِ مَنْ سَيَنكِحُها، وتَزويجِ مَنْ سَتَنقَضي عِدَّتُها، وتَزويجِ ابنَتِه إذا انقَضَتْ عِدَّتُها أو طَلَّقها زَوجُها، أو بَيعِ ما سَيَملِكُه، أو إعتاقِ مَنْ سَيَملِكُه، أو قَضاءِ دَيْنٍ سَيلزَمُه؛ لأنَّه لا يَتمَكَّنُ مِنْ مُباشَرةِ ما وُكِّلَ فيه حالَ التَّوكيلِ.
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٤)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٦٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٦)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ١٦٣).