عِدَّةُ المرأةِ التي ارتَفعَ حَيضُها أو تَباعَدَ حَيضُها (والمُرتابةِ):
المَرأةُ إذا كانَتْ تَحيضُ ثم ارتَفعَ حَيضُها فهذا لا يَخلُو مِنْ حَالاتٍ: إما أنْ تَكونَ قد حاضَتْ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم ارتَفعَ، أو يَكونَ قد ارتَفعَ حَيضُها أو تَباعَدَ، وهذا لا يَخلُو: إما أنْ تَعرفَ سبَبَ ارتِفاعَ الحَيضِ، وإما أنْ لا تَعرفَ.
الحالَةُ الأُولى: أنْ تَكونَ حاضَتْ حَيضةً أو حَيضَتينِ ثم ارتَفعَ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في المَرأةِ تطلقُ فتَحيضُ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم تَرتفعُ حَيضتُها، ما الذي يَجبُ عليها؟ هل تَنتظرُ الحيضَ وإنْ طالَتِ المُدةُ؟ أو تَدخلُ في سِنِّ اليَأسِ؟ أم تَمكثُ تِسعةَ أشهُرٍ مُدةَ الحَملِ ثمَّ ثَلاثةَ أشهُرٍ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ وأشهَبُ وابنُ العَربيِّ مِنْ المالِكيةِ إلى أنَّ المَرأةَ التي ارتَفعَ حَيضتُها مِنْ غيرِ حَملٍ ولا يأسٍ ولم يَتبينْ لها ذلكَ فانقِضاءُ عدَّتِها في الطلاقِ وسائِرِ وُجوهِ الفُرَقِ بالحَيضِ أبدًا؛ لأنها مِنْ ذواتِ الأقراءِ إلا أنه ارتَفعَ حَيضُها لعارِضٍ، فلا تَنقضِي عِدتُها حتى تَحيضَ ثَلاثَ حِيَضٍ أو حتَّى تَدخلَ في حَدِّ الإياسِ وهو السِّنُّ التي لا تَحيضُ في مِثلِه مِثلُها مِنْ النساءِ فتَستأنفَ عدَّةَ الآيِسةِ ثَلاثةَ أشهُرٍ.
ولأنها إذا كانَتْ عادَتُها وهي شابَّةٌ أنها تَحيضُ في كلِّ سَنةٍ مرَّةً فهذهِ غيرُ مُرتابٍ في إياسِها، بل قد تَيقَّنَ أنها مِنْ ذَواتِ الحيضِ، فكَيفَ يَجوزُ أنْ تكونَ عِدتُها سَنةً مع العِلمِ بأنها غيرُ آيِسةٍ وأنها مِنْ ذواتِ الحيضِ؟! وتَراخِي ما بينَ الحَيضتَينِ مِنْ المُدةِ لا يُخرجُها مِنْ أنْ تكونَ مِنْ ذَواتِ الحيضِ،