للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضاءُ الوِترِ:

ذَهب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ مَنْ تركَ الوِترَ عندَ وقتِه فإنَّه يجبُ عليه القَضاءُ، وهذا على قولِ أبي حَنيفةَ لا يُشكِلُ؛ لأنَّ الوِترَ واجِبٌ؛ فكان مَضمونًا بالقَضاءِ، كالفَرضِ، وكانَ القِياسُ عندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ ألَّا يَقضيَ، وهكذا رُويَ عنهما في غيرِ رِوايةِ الأُصولِ، لكنَّهما استَحسَنا في القَضاءِ بالأثَرِ، وهو قولُ النَّبيِّ : «مَنْ نَامَ عَنِ الوِترِ، أو نَسيَهُ، فَليُصلِّ إذا أصبَحَ، أو ذكرَهُ» (١)، ولم يَفصِل بينَ ما إذا تَذكَّر في الوقتِ أو بعدَه، ولأنَّه مَحَلُّ الاجتِهادِ؛ فأوجَبَ القَضاءَ احتِياطًا (٢).

وذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّه إذا تَذكَّر الوِترَ بعدَ صَلاةِ الصُّبحِ فإنَّه لا يَقضِيه (٣).

وذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في الصَّحيحِ عندَهم إلى أنَّه يُستحبُّ قَضاءُ الوِترِ إذا فاتَه؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ نَامَ عن الوِترِ أو نَسيَهُ، فَليُصلِّ إذا أصبَحَ، أو ذكرَهُ».

والقولُ الثاني عندَ الشافِعيَّة والحَنابِلةِ أنَّه لا يَقضِيه، وهو نَصُّ الشافِعيِّ في القَديمِ، وأحمدَ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإسلامِ (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٤٣١)، والترمذي (٤٦٦).
(٢) «معاني الآثار» (٢/ ٢٢٨، ٢٢٩).
(٣) «الاستذكار» (٢/ ١٢٣)، و «العدوي على شرح الرسالة» (١/ ٢٦١)، والدسوقي (١/ ٣١٧).
(٤) «الحاوي الكبير» (٢/ ٢٨٧، ٢٨٨)، و «كشاف القناع» (١/ ٤١٦)، و «مطالب أولي النُّهى» (١/ ٥٤٨)، و «الإنصاف» (٢/ ١٧٨)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>