للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ثبَتَ هذا لم تَحِلَّ له خيانَتُهم؛ لأنَّه غَدرٌ ولا يَصلُحُ في دينِنا الغَدرُ، وقد قالَ النَّبيُّ : «المُسلِمونَ عندَ شُروطِهم» (١)؛ فإنْ خانَهم أو سرَقَ منهم أو اقترَضَ شَيئًا وجَبَ عليه رَدُّ ما أخَذَ إلى أربابِه؛ فإنْ جاءَ أربابُه إلى دارِ الإسلامِ بأمانٍ أو إيمانٍ رَدَّه عليهم، وإلا بعَثَ به إليهم؛ لأنَّه أخَذَه على وَجهٍ حرُمَ عليه أخْذُه فلزِمَه رَدُّ ما أخَذَ كما لو أخَذَه من مالِ مُسلمٍ (٢).

وقالَ الزَّركشيُّ : وقَولُه -أي: الخِرقيِّ-: (لم يَخُنْهم في مالِهم) يُفهَمُ منه بطَريقِ التَّنبيهِ أنَّه لا يَخونُهم في أنفُسهِم (٣).

إذا دخَلَ المُسلِمُ دارَ العَدوِّ بغيرِ أمانٍ:

ذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ إلى أنَّ المُسلِمَ إذا دخَلَ بِلادَ الكُفارِ بغيرِ أمانٍ يَحِلُّ له دِماؤُهم وأموالُهم.

جاء في «مَسائلِ عبدِ اللهِ بنِ الإمامِ أحمدَ »: سألتُ أبي عن رَجلٍ دخَلَ أرضَ العَدوِّ بأمانٍ فسرَقَ منهم مالًا أو دَوابَّ أو غيرَ ذلك.

قالَ: إذا كانَ بأمانٍ لمْ يَسرِقْ ولمْ يَأخذْ من أموالِهم شَيئًا، ولا يَبعْ في بِلادِهم دِرهمًا بدِرهَمينِ ولا يَزنِ في بِلادِهم، فإذا دخَلَ بغيرِ أمانٍ فلا بأسَ أنْ يَأخذَ منهم (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الدارقطني (٣/ ٢٧)، والحاكم في «المستدرك» (٢٣١٠) وغيرهما.
(٢) «المغني» (٩/ ٢٣٧).
(٣) «شرح الزركشي» (٣/ ٢٠٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٠٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٥٢)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٨٢).
(٤) «مسائل عبد الله» ص (٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>