للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُجةُ الإمامِ مالِكٍ: أنَّ الحَولَ أحَدُ شَرطَيِ الزَّكاةِ كالنِّصابِ، فلم يَجزْ تَقديمُها عليه، كما لم يَجزْ تَقديمُها قبلَ مِلكِ النِّصابِ اتِّفاقًا؛ ولأنَّ الشَّرعَ وقَّتَ للزَّكاةِ وقتًا وهو الحَولُ لم يَجزْ تَقديمُها، كالصَّلاةِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا المَسألةُ الثامِنةُ: وهي جَوازُ إخراجِ الزَّكاةِ قبلَ الحَولِ فإنَّ مالِكًا منَعَ ذلك وجَوَّزه أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ، وسَببُ الخِلافِ: هل هي عِبادةٌ أو حَقٌّ واجِبٌ للمَساكينِ؟ فمَن قالَ: عِبادةٌ، وشبَّهَها بالصَّلاةِ لم يُجزْ إِخراجَها قبلَ الوَقتِ كمالِكٍ، ومَن شبَّهَها بالحُقوقِ الواجِبةِ المُؤجَّلةِ أَجازَ إِخراجَها قبلَ الأجلِ على جِهةِ التَّطوُّعِ (٢).

هل لِلتَّعجيلِ حَدٌّ؟

وإذا كانَ التَّعجيلُ جائِزًا فهل له حَدٌّ من السِّنينَ أو هو جائِزٌ إلى غيرِ حَدٍّ؟

أَجازَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ لِمالِكٍ أنْ يُعجِّلَ زَكاةَ ما أَرادَ من السِّنينَ بدونِ قَيدٍ. حتى قالَ الحَنفيةُ: لو كانَ له ثَلاثُمئةِ دِرهَمٍ فدفَعَ منها مِئةَ دِرهَمٍ عن المِئتَينِ زَكاةً لعَشرِ سِنينَ مُستقبَلةٍ جازَ لوُجودِ السَّببِ، وهو مِلكُ النِّصابِ النامي، بخِلافِ العُشرِ فلا يَجوزُ تَعجيلُه قبلَ نَباتِ الزَّرعِ وخُروجِ الثَّمرةِ، وبالأَوْلى قبلَ الزِّراعةِ أو الغَرسِ؛ لعَدمِ وُجودِ سَببِ الوُجوبِ، كما لو عجَّلَ زَكاةَ المالِ قبلَ مِلكِ النِّصابِ (٣).


(١) «المغني» (٣/ ٤١٠).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٧٥).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٩، ٣٠)، و «البحر الزخار» (٢/ ١٨٨)، و «المغني» (٣/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>