للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُستدَلُّ لِلأوَّلِ بما ثَبتَ في الصَّحيحَينِ عن عَبد اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ قالَ: «لمَّا كَسَفتِ الشَّمسُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ نُودِيَ: أنِ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ» (١).

الأذانُ لِلفَوائتِ:

ذَهب المالِكيَّةُ في المَشهورِ عندَهم إلى كَراهةِ الأذانِ لِلفَوائتِ دونَ الإقامَةِ، فالفَوائتُ يُقامُ لها ولا يُؤذَّنُ؛ لِقَولهِ : «مَنْ نامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسيَها فَليُصلِّها إذا ذكرَها»، ولم يَأمُر أن يُؤذَّنَ لها، وفي حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّ النَّبيَّ لمَّا حُبس يومَ الخَندقِ عن الظُّهرِ والعَصرِ، والمَغربِ والعِشاءِ، صلَّاها بإقامَةٍ لكلِّ صَلاةٍ، ولم يُؤذِّن لها، ولأنَّ الأذانَ دُعاءٌ إلى الصَّلاةِ وإيذانٌ بوُجوبِها ولأنَّ سُنَّتَه الجَماعةُ الرَّاتبَةُ، وكلُّ ذلك مَعدومٌّ في الفَوائتِ، ولأنَّ الأذانَ عَلَمٌ على الوقتِ، فسقطَ بفَواتهِ، ولأنَّه لو أُذِّنَ لها لالتَبَسَ بصَلاةِ الوقتِ، ولأنَّه لمَّا لم يكن مِنْ سُنَّتِها أن يُؤذَّنَ لها على المَنابرِ وإنَّما يُفعَلُ عندَهم كما يُفعَلُ لِلإقامَةِ، دلَّ ذلك على أنَّه ليس بسُنَّتِها بوَجهٍ (٢).

وذَهب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في المُعتمَدِ عندَهم والحَنابلَةُ إلى أنَّه يُشرعُ لِمَنْ فاتَتهُ صَلاةٌ أن يُؤذِّنَ لها ويُقيمَ؛ لمَا رَواه مُسلِمٌ عن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ ، وفيه قالَ: فمالَ رَسولُ اللهِ عن الطَّريقِ فوضعَ رَأسَه ثم قالَ: «احفَظُوا عَلَينَا صَلاتنَا»، فكانَ أوَّلُ مَنْ استَيقظَ رَسولَ اللهِ


(١) رواه البخاري (٩٩٨)، ومسلم (٩١٠).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٣٤، ٢٣٦) رقم (١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>