للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووَصيةُ الكافِرِ إلى المُسلمِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على جَوازِ الوَصيةِ من الكافِرِ للمُسلمِ بأنْ يَكونَ المُسلمُ وَصيًّا على أَولادِه الكُفارِ، كما تَصحُّ شَهادتُه عليه، وقد ثبَتَت له الوِلايةُ عليه؛ فإنَّ الإِمامَ يَلي تَزويجَ الذِّمياتِ، ولظُهورِ أَمانتِه فيها (١).

الشَّرطُ الثاني: أنْ يَكونَ مُكلَّفًا فلا تَصحُّ الوَصيةُ إلى مَجنونٍ وصَبيٍّ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الوَصيةَ لا تَصحُّ إلا إلى بالِغٍ عاقِلٍ، فلا تَصحُّ الوَصيةُ إلى مَجنونٍ ولا صَغيرٍ ولا أبلَهَ، وكذا سَفيهٌ كما نَصَّ على ذلك الشافِعيةُ والحَنابِلةُ؛ لأنَّهم لا يَتأهَّلونَ إلى تَصرفٍ ولا وِلايةٍ، ولأنَّهم مُولًّى عليهم فكيف يَلُونَ أمرَ غيرِهم.

قالَ ابنُ قُدامةَ : تَصحُّ الوَصيةُ إلى الرَّجلِ العاقِلِ المُسلمِ الحُرِّ العَدلِ إِجماعًا، ولا تَصحُّ إلى مَجنونٍ ولا طِفلٍ، ولا تَصحُّ وَصيةُ مُسلمٍ إلى كافِرٍ بغيرِ خِلافٍ نَعلمُه؛ لأنَّ المَجنونَ والطِّفلَ ليسا من أهلِ التَّصرفِ في أَموالِهما، فلا يَليانِ على غيرِهما، والكافِرُ ليسَ من أهلِ الوِلايةِ على مُسلمٍ (٢).


(١) «المبسوط» (٢٨/ ٩٥)، و «الذخيرة» (٧/ ١٥٩)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٣٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٣)، و «المغني» (٦/ ١٤٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٩٦)، و «المبدع» (٦/ ١٠٩)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٩٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢٠).
(٢) «المغني» (٦/ ١٤٣)، ويُنظَر: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٣٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٨١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٦٣، ٥٦٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٩٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٧٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>