للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ الشِّيرازيُّ : مَنْ وجَبَ له حَقٌّ على رَجلٍ وهو غيرُ مُمتنِعٍ من دَفعِه لم يَجزْ لصاحِبِ الحَقِّ أنْ يأخُذَ من مالِه حَقَّه بغيرِ إِذنِه؛ لأنَّ الخيارَ فيما يُقضَى به الدَّينُ إلى مَنْ عليه الدَّينُ، ولا يَجوزُ أنْ يأخُذَ إلا ما يُعطيه، وإنْ أخَذَ بغيرِ إِذنِه لزِمَه رَدُّه، فإنْ تلِفَ ضمِنَه؛ لأنَّه أخَذَ مالَ غيرِه بغيرِ حَقٍّ (١).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَظفرَ بحَقِّه من غاصِبٍ له أو جاحِدٍ له أو غيرِ ذلك، وهو عاجِزٌ عن أخذِه:

اختَلفَ أهلُ العِلمِ فيمَن له حَقٌّ عندَ غيرِه وهو عاجِزٌ عن أخذِه كمَن له وَديعةٌ عندَ آخَرَ فجحَدَها فهل يَجوزُ له إذا ظفِرَ بمالٍ لمَن عليه الحَقُّ أنْ يأخُذَه أو لا؟ وهل يَجوزُ أنْ يأخُذَ إذا كانَ من جِنسِ حَقِّه ولا يَجوزُ من غيرِه أو لا يَجوزُ مُطلَقًا؟ على أَقوالٍ:

القَولُ الأولُ: أنَّه يَجوزُ لمَن ظفِرَ بحَقِّه أنْ يأخُذَه سَواءٌ كانَ من جِنسِ حَقِّه أو من غيرِه، وسَواءٌ علِمَ المَأخوذَ منه أو لم يَعلَمْ.

ذهَبَ المالِكيةُ في المُعتمَدِ من المَذهبِ (٢) والشافِعيةُ (٣) والحَنابِلةُ في


(١) «المهذب» (٢/ ٣١٧)، و «التنبيه» ص (٢٦٥).
(٢) «التمهيد» (٢٠/ ١٥٩، ١٦٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣٩، ١٤٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٧٧، ٢٨٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٦١، ٣٦٢)، و «بلغة السالك» (٣/ ٣٦٠)، و «منح الجليل» (٨/ ٥٥٠).
(٣) «الأم» (٥/ ١٠٣، ١٠٥)، و «المهذب» (٢/ ٣١٧)، و «التنبيه» ص (٢٦٥)، و «شرح صحيح مسلم» (١٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>