ومَعنى ذلك في الأَجنبيِّينَ واللهُ ﷾ أعلَمُ إذا كانَ لهم حَقٌّ من جِوارٍ أو يَدٍ سلَفَت لهم إليه أو ما أشبَهَ ذلك، وأمَّا إنْ لم يَكنْ لذلك سَببٌ فالوَصيةُ مَحظورةٌ؛ إذْ لا يُوصي للكافرِ من غيرِ سَببٍ ويَتركُ المُسلمَ إلا مُسلمُ سُوءٍ مَريضُ الإِيمانِ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ … ﴾ [المجادلة: ٢٢] إلى قوله: ﴿ … أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ (١).
ب- الوَصيةُ للحَربيِّ والمُستأمَنِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الوَصيةِ للكافرِ الحَربيِّ هل تَصحُّ له أو لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ في المَذهبِ والمالِكيةُ في المُعتمَدِ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ في احتِمالٍ إلى أنَّه لا تَصحُّ الوَصيةُ للكافرِ الحَربيِّ.
إلا أنَّ الحَنفيةَ يُفرِّقونَ بينَ ما إذا دخَلَ إلينا بأَمانٍ فعندَئذٍ تَصحُّ له الوَصيةُ، وبينَ ما إذا كانَ في بِلادِ الكُفارِ ولم يَدخُلْ إلينا بأَمانٍ، فإذا أَوصَى المُسلمُ لحَربيٍّ في دارِ الحَربِ لم تَصحَّ هذه الوَصيةُ، فإنْ خرَجَ الحَربيُّ المُوصَى له إلى دارِ الإِسلامِ بأَمانٍ وأَرادَ أخْذَ وَصيتِه لم يَكنْ له من ذلك شَيءٌ، وإنْ أَجازَت الوَرثةُ، هذا إذا كانَ المُوصي في دارِ الإِسلامِ وكانَ المُوصَى له حَربيًّا في دارِ الحَربِ، وأمَّا إذا كانَ المُوصي في دارِ الحَربِ أيضًا فقد اختَلفَ مَشايخُ الحَنفيةِ فيه.
(١) «البيان والتحصيل» (١٢/ ٤٧٧، ٤٧٨)، و «المختصر الفقهي» (١٦/ ١١٢، ١١٣)، و «الذخيرة» (٧/ ١٤، ١٥).