للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُعلُ على الخُصومةِ:

قالَ أبو القاسِمِ القَيرَوانيُّ في «تَهذيبِ المُدوَّنةِ»: وكَرِهَ مالِكٌ الجُعلَ على الخُصومةِ على أنَّه لا يَأخُذُ شَيئًا إلَّا بإدراكِ الحَقِّ، قالَ ابنُ القاسِمِ: فإنْ عمِل على ذلك فله أجْرُ مِثلِه، ورُوِيَ عن مالِكٍ أنَّه جائِزٌ (١).

قالَ ابنُ فَرحونٍ : وإنَّما كَرِهَ مالِكٌ ذلك لأنَّها على الشَّرِّ والمُجادَلةِ، ولأنَّها قَدْ تَطولُ ولا يُنجَزُ مِنهَا غَرَضُ الجاعِلِ، ويَذهبُ عَملُه مَجَّانًا، والرِّوايةُ بإجازةِ ذلك لِمَا بالنَّاسِ مِنْ الضَّرورةِ إلى ذلك.

وفي «الطُّررِ» قالَ الشَّعبانيُّ : لا خَيرَ في الوَكالةِ على الخُصومةِ إذا كانَتْ بالأُجرةِ حتى تَنقَطِعَ؛ لأنَّها قَدْ تَطولُ وتَقصُرُ.

قالَ: ولو تَوكَّل على أنْ يَحضُرَ مَعه مَجلِسَ السُّلطانِ في كلِّ يَومٍ كذا، يُناظِرُ عنه، كانَ جائِزًا، وإنْ لَم يَعلَمْ قَدْرَ مُقامِه مِنْ السَّاعاتِ، قالَ غيرُه؛ لأنَّ ذلك خَفيفُ القَدْرِ، مُتَقارِبُ الأمْرِ، قالَ: ولو حضَر مَعه اليَومَ فلَمْ يَجلِسْ مَنْ يُخاصِمُ إليه فانتَظَرَه إلى آخِرِ مَجلِسِه وجَب له حَقُّه، وإنِ انصَرَفَ في أوَل ما حضَر بطَل ذلك، ولَم يَكُنْ عليه حُضورُ يَومٍ آخَرَ؛ لأنَّ اليَومَ الذي كانَ أجْرُه فيه قَدْ ذهَب (٢).


(١) «تهذيب المدونة» (٢/ ١٢٣).
(٢) «تبصرة الحكام» (١/ ١٣٥، ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>