للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في أحسَنِ الأقوالِ عندَهم إلى أنه إنْ شُرطَ عليهِ في العهدِ قَطعُه إنْ سرَقَ قُطِعَ، وإلا فلا.

ولا خِلافَ أنه يُستردُّ المَسروقُ أو بَدلُه إنْ تَلفَ (١).

المَسألةُ الرابِعةُ: هل يُقطَعُ المُسلمُ أو الذِّميُّ إذا سرَقَ مِنْ المُعاهدِ والمُستأمنِ؟

ذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ وأشهَبُ مِنْ المالِكيةِ إلى أنه لا يُقطَعُ به (٢).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأمَّا مالُ الحَربيِّ المُستأمنِ في دارِ الإسلامِ فلا قطْعَ فيهِ استِحسانًا، والقياسُ أنْ يُقطَعَ.

وَجهُ القِياسِ أنه سرَقَ مالًا مَعصومًا؛ لأنَّ الحَربيَّ استَفادَ العِصمةِ بالأمانِ بمَنزلةِ الذِّميِّ، ولهذا كان مَضمونًا بالإتلافِ كمالِ الذِّميِّ.

وَجهُ الاستِحسانِ أنَّ هذا مالٌ فيه شُبهةُ الإباحةِ؛ لأنَّ الحَربيَّ المُستأمنَ مِنْ أهلِ دارِ الحَربِ، وإنما دخَلَ دارَ الإسلامِ ليَقضيَ بعضَ حَوائجِه ثمَّ يَعودَ عن قَريبٍ، فكَونُه مِنْ أهلِ دارِ الحَربِ يُورثُ شُبهةَ الإباحةِ في مالِه، ولهذا أورَثَ شُبهةَ الإباحةِ في دَمِه حتَّى لا يُقتَلُ به المِؤمِنُ قِصاصًا، ولأنه


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٧٨)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٨٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٥).
(٢) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٧٩)، و «الذخيرة» (٣/ ٤٤٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>