تَعرَّضَ لِهذه المَسألةِ الحَنفيةُ فقالوا: إنَّ مَنْ شَكَّ هل أدَّى زَكاتَه أو لا، يَجبُ عليه أنْ يُزكِّيَ، بخِلافِ ما لو شَكَّ بعدَ الوَقتِ أنَّه هل صلَّى أو لا، لا يُعيدُ.
قالوا: لأنَّ وقتَ الزَّكاةِ لا آخِرَ له، بل هو العُمرُ، فالشَّكُّ فيها كالشَّكِّ في الصَّلاةِ في الوَقتِ (١).
وقَواعدُ المَذاهبِ الأُخرى تَقتضِي مثلَ ذلك، فإنَّ اليَقينَ لا يَزولُ بالشَّكِّ.
ثم إنَّني وَقفتُ بعدَ ذلك على قَولِ الإمامِ ابنِ حَجرٍ الهَيتَميِّ قالَ ﵀ بعدَ كَلامٍ طَويلٍ في حُكمِ مَنْ شَكَّ في الصَّلاةِ: وكذا يُقالُ في الصَّومِ والزَّكاةِ، فلو كانَ له إبلٌ وبَقرٌ وغَنمٌ ونَقدٌ فشَكَّ هل عليه زَكاةُ الإبلِ والبَقرِ أو الكلِّ لزِمَه الكلُّ، أو هل عليه دِرهمٌ مِنْ جُملةِ الزَّكاةِ أو أربَعونَ دِرهمًا ولم يَعرِفْ عَينَ ذلك المالِ لزِمَه الدَّراهمُ فقط، وقياسُ ما مَرَّ أنَّه يَلزمُه الأربَعونَ.
ومِن ثَم قالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ: لو كانَ عليه زَكاةٌ ولم يَدرِ هل هي بَقرةٌ أو شاةٌ لزِمَاه قِياسًا على الصَّلاةِ.
قالَ الزَّركَشيُّ ﵀: ومنه يُعلَمُ التَّصويرُ بما إذا لزِمَه الأَمرانِ، وأخرَجَ أحَدَهما وشَكَّ فيه، أمَّا إذا لزِمَه أحدُهما فقط وشَكَّ في عَينِه فيُتَّجَه أنَّه يُخيَّرُ.