للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفضَلُ في مِقدارِ الوَصيةِ:

اختَلفَ العُلماءُ في القَدرِ الذي تُستحبُّ الوَصيةُ به، هل الأفضَلُ أنْ يُوصيَ بالثُّلثِ أو بالرُّبِع أو بالخُمسِ أو ألَّا يُوصيَ أَصلًا أو الحُكمُ يَختلِفُ بينَ الغَنيِّ الذي يُخلِّفُ مالًا كَثيرًا وبينَ الذي لا يُخلِّفُ مالًا؟

أولاً: إذا كانَ عندَه مالٌ كَثيرٌ:

إذا كانَ عندَه مالٌ كَثيرٌ فهذا لا يَخلو من حالتَينِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَكونَ وَرثتُه أَغنياءَ:

نَصَّ الشافِعيةُ والقاضي وأبو الخَطابِ من الحَنابِلةِ والكاسانِيُّ من الحَنفيةِ على أنَّ المُوصيَ إذا كانَ غَنيًّا ووَرثتُه أَغنياءَ فالأفضَلُ له أنْ يُوصيَ بجَميعِ الثُّلثِ؛ لأنَّه لمَّا كُرهَ له استِيفاءُ الثُّلثِ إذا كانوا فُقراءَ دَلَّ على أنَّه يُستحبُّ له أنْ يَستوفِيَ الثُّلثَ إذا كانوا أَغنياءَ (١).

قالَ الإِمامُ النَّوويُّ : قالَ أَصحابُنا وغيرُهم من العُلماءِ: إنْ كانَت الوَرثةُ أَغنياءَ استُحبَّ أنْ يُوصيَ بالثُّلثِ تبَرُّعًا (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ في المَشهورِ عندَهم والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُستحبُّ أنْ يَنقُصَ عن الثُّلثِ وإنْ كانَ وَرثتُه أَغنياءَ.


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣١)، و «البيان» (٨/ ١٥٣)، و «شرح صحيح مسلم» للنووي (١١/ ٧٧)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٨/ ١٤٧، ١٤٨)، و «جواهر العقود» (١/ ٣٥٢)، و «المغني» (٦/ ٥٧)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٦، ٤٢٧).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>