للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاحِدًا لوُجوبِها، أو غيرَ جاحدٍ، فإن كانَ جاحِدًا لوُجوبِها نُظرَ فيه، فإن كان جاهِلًا به وهو ممَّن يَجهلُ ذلك كالحَديثِ الإسلامِ والناشِئِ بباديةٍ عُرِّف وُجوبَها وعُلِّم ذلك، ولم يُحكم بكُفرِه؛ لأنَّه مَعذورٌ، فإن لم يكن ممَّن يَجهلُ ذلك، كالناَّشئِ مِنْ المُسلِمينَ في الأَمصارِ والقُرى لم يُعذَر، ولم يُقبل منه ادِّعاءُ الجَهلِ، وحُكم بكُفرِه؛ لأنَّ أدلَّةَ الوُجوبِ ظاهِرةٌ في الكتابِ والسُّنةِ، والمُسلِمونَ يَفعلونَها على الدَّوامِ، فلا يَخفَى وُجوبُها على مَنْ هذا حالُه، ولا يَجحَدُها إلا تَكذيبًا للهِ تَعالى ولِرَسولِه وإجماعِ الأمَّةِ، وهذا يَصيرُ مُرتدًّا عن الإسلامِ، وحكمُه حكمُ سائرِ المُرتدِّينَ في الِاستِتابةِ والقَتلِ، ولا أعلمُ في هذا خِلافًا (١).

ثانيًا: أن يترُكَها وهو مُعتقِدُ لوُجوبِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تاركِ الصَّلاةِ إذا تركَها وهو مُعتقِدٌ لوُجوبِها، هل يَكفرُ بذلك ويُقتلُ قَتلَ ردَّةٍ، أو لا يكفرُ لكنَّه يُقتلُ حَدًّا، أو لا يكفرُ ولا يُقتلُ أصلًا، وإنَّما يُحبَسُ ويُضرَبُ؟

القولُ الأوَّلُ: وهو قولُ الحنابِلةِ في المَذهبِ وهو اختيارُ ابنِ تيميَّةَ وابنِ القيِّمِ وبعضِ الشَّافعيَّةِ: أنَّ تاركَ الصَّلاةِ تَكاسلًا وتَهاوُنًا يَدعوه الإمامُ أو نائِبُه لفِعلِها؛ لاحتِمالِ أن يَكونَ قد تركَها لِعُذرٍ يَعتقدُ سُقوطَها به، كمرَضٍ ونحوِه، ويُهددُه فيَقولُ له: إن صَّليتَ وإلَّا قَتَلناكَ، فإن أبَى أن يُصلِّيها حتى تَضايقَ وقتُ التي بعدَها وجبَ قتلُه، ولا يُقتلُ حتى يُستَتابَ


(١) «المغني» (٣/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>