للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِلمِ على أنَّ هذا قاتِلٌ ظالِمٌ، وقد منَعَ اللهُ مِنْ مالِ المُسلمِ ومِن دمِه، وقد جمَعَ النَّبيُّ بينَ تَحريمِهما (١).

أما لو أسقَطَ الضَّمانَ عنه قبلَ إِتلافِها فقد حَكى ابنُ القَيمِ الاتِّفاقَ على أنَّه لا ضَمانَ عليه.

قالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ : لو أذِنَ له في إِتلافِ مالِه وأسقَطَ الضَّمانَ عنه قبلَ الإِتلافِ فإنَّه لا يَضمنُ اتِّفاقًا (٢).

لكنَّ الذي يَظهرُ -واللهُ أَعلمُ- أنَّ المالِكيةَ وابنَ المُنذرِ لمْ يُفرِّقوا بينَ أنْ يُسقطَ عنه الضَّمانَ أو غيرِه، وهو ظاهِرٌ مِنْ كِلامِهم كما تقدَّمَ.

إذا تلِفَت الوَديعةُ بسَببِ عَدمِ دَفعِ المُودَعِ الهَلاكَ عنها:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يَجبُ على المُودَعِ حِفظُ الوَديعةِ، وكذا نصَّ عامَّتُهم على أنَّه يَجبُ عليه دَفعُ الهَلاكِ عنها، كما إذا وقَعَ في دارِه حَريقٌ واستطاعَ أنْ يَنقلَ الوَديعةَ وجَبَ عليه نَقلُها ودَفعُ الهَلاكِ عنها، هكذا نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ.

قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ : وأما بَيانُ ما يُغيِّرُ حالَ المَعقودِ عليه مِنْ الأَمانةِ إلى الضَّمانِ فأَنواعٌ:

منها: تَركُ الحِفظِ؛ لأنَّه بالعَقدِ التزَمَ حِفظَ الوَديعةِ على وَجهٍ لو ترَكَ حِفظَها حتى هلَكَت يَضمنُ بَدلَها، وذلك بطَريقِ الكَفالةِ، ولهذا لو رَأى


(١) «الإشراف» (٦/ ٣٤٤، ٣٤٥).
(٢) «بدائع الفوائد» (١/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>