للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: شُروطُ المقذُوفِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ في المَقذوفِ الذي يَجبُ الحَدُّ بقَذفِه مِنْ الرِّجالِ والنساءِ أنْ يكونَ مُحصنًا.

وشُروطُ الإحصانِ في القَذفِ هي:

١ - البُلوغُ:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ على أنه يُشترطُ البلوغُ، فلو قذَفَ صَبيًّا لم يَبلغْ فلا حدَّ على القاذِفِ؛ لأنه أحَدُ شَرطَي التكليفِ، فأشبَهَ العَقلَ، ولأنَّ زنَى الصبيِّ لا يُوجِبُ حدًّا، فلا يَجبُ الحدُّ بالقذفِ بهِ كزنَى المَجنونِ، ولأنَّ قذْفَه بالزنى كَذبٌ مَحضٌ، لكنْ يُنظَرُ فإنْ كانَ مُراهِقًا يُؤذِي قَذفُ مثلِه عُزِّرَ أدبًا، كما يُؤدَّبُ في مَصالحِه، وإنْ كانَ طِفلًا لا يُؤذِي قذفُه لم يُعزَّرْ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يُشترطُ البلوغُ؛ لأنه حُرٌّ عاقِلٌ عَفيفٌ يَتعيَّرُ بهذا القولِ المُمكِنُ صِدقُه، فأشبَهَ الكَبيرَ، ولكنْ لا بُدَّ أنْ يكونَ كَبيرًا يُجامِعُ مِثلَه، وأدناهُ أنْ يكونَ للغِلامُ عَشرٌ وللجارِيةِ تِسعٌ، لكنْ لا يُحَدُّ قاذِفُ غيرِ البالغِ حتى يَبلغَ ويُطالِبَ به بعدَ بُلوغِه؛ إذْ لا


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٤٠)، و «الاختيار» (٤/ ١١١)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٦٠)، و «اللباب» (٢/ ٣٠١)، و «المدونة الكبرى» (١٦/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٠)، و «حاشية الصاوي» (١٠/ ٢٧١)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٣٤)، و «البيان» (١٢/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «المغني» (٩/ ٧٦، ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>