الشَّرطُ الثالثُ: أنْ يَكونَ عالِمًا أنَّ كَثيرَها يُسكِرُ:
الحَدُّ إنما يَلزمُ مَنْ شَربَها عالِمًا أنَّ كَثيرَها يُسكِرُ، فأما غيرُه فلا حَدَّ عليه؛ لأنه غيرُ عالمٍ بتَحريمِها ولا قاصِدٍ إلى ارتِكابِ المَعصيةِ بها، فأشبَهَ مَنْ زُفَّتْ إليه غيرُ زَوجتِه، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وهذا قَولُ عامةِ أهلِ العِلمِ (١).
الشَّرطُ الرابعُ: أنْ يكونَ عالِمًا بالتَّحريمِ:
نَصَّ أكثرُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ وابنُ وَهبٍ مِنْ المالِكيةِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ مِنْ شُروطِ وُجوبِ الحَدِّ على شاربِ الخَمرِ أنْ يكونَ عالِمًا بالتحريمِ، على تَفصيلٍ عندَهم، فإنْ شَربَها ثم قالَ: «لم أعلَمْ أنها حَرامٌ» فإنْ كانَ ناشِئًا في بِلادِ المُسلمينَ فلا يُقبلُ قَولُه ويُقامُ عليهِ الحَدُّ ولا عُذرَ له في هذا، وأمَّا إذا كانَ كافرًا وأسلَمَ فشَربَ الخَمرَ أو كانَ ناشِئًا في بادِيةٍ ثمَّ قالَ: «لم أعلَمْ أنها حَرامٌ» فلا حَدَّ عليهِ عِندَهم، خِلافًا لمُعتمَدِ المَذهبِ عندَ المالِكيةِ وقَولٍ للشافِعيةٍ، وتَفصيلُ ذلكَ فيما يَلي:
قالَ الحَنفيةُ: يُشترطُ أنْ يكونَ شاربُ الخَمرِ عالِمًا بالحُرمةِ حَقيقةً أو حُكمًا بكونِه في دارِنا بأنْ يكونَ ناشِئًا فيها، وإذا أسلَمَ الحَربيُّ وجاءَ إلى دارِ الإسلامِ ثمَّ شَربَ الخمرَ قبلَ أنْ يَعلمَ أنها مُحرَّمةٌ عليهِ لم يُحَدَّ، وإنْ زنَى أو سَرقَ أُخذَ بالحَدِّ ولم يُعذَرْ بقولِه: «لم أعلَمْ».
(١) «المغني» (٩/ ١٣٨)، ويُنظَر: «الإنصاف» (١٠/ ٢٣١)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٢٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥٠٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٦٦، ٣٦٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute