للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الأوَّلُ: الصِّيغةُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الصِّيغةَ -وهي الإيجابُ والقَبولُ- رُكنٌ مِنْ أركانِ الرَّهنِ، وهي: أنْ يَقولَ الراهِنُ: «رَهَنتُكَ هذا الشَّيءَ بما لَكَ علَيَّ مِنَ الدَّينِ»، أو يَقولَ: «هذا الشَّيءُ رَهنٌ بدَينِكَ»، وما يَجري هذا المَجرى، ويَقولَ المُرتَهَنُ: «ارتَهَنتُ»، أو: «قَبِلتُ»، أو: «رَضيتُ»، وما يَجري مَجراه.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا هل يَنعَقِدُ بالمُعاطاةِ أو لا؟

فقال الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في قَولٍ (١) والحَنابِلةُ وبَعضُ الشافِعيَّةِ: إنَّ الرَّهنَ يَصحُّ بالمُعاطاةِ، ولا يُشترَطُ لَفظُ الرَّهنِ.

قال الحَنفيَّةُ: فأمَّا لَفظُ الرَّهنِ فليس بشَرطٍ حتى لو اشتَرى شَيئًا بدَراهِمَ ودَفَعَ إلى البائِعِ ثَوبًا وقال له: أمسِكْ هذا الثَّوبَ حتى أُعطيَكَ الثَّمَنَ، فالثَّوبُ رَهنٌ؛ لأنَّه أتى بمَعنى العَقدِ، والعِبرةُ في بابِ العُقودِ بالمَعاني.

وقالوا: يُشترَطُ في الرَّهنِ ألَّا يَكونَ مُعلَّقًا بشَرطٍ ولا مُضافًا إلى وَقتٍ؛ لأنَّ في الرَّهنِ والارتِهانِ مَعنى الإيفاءِ والاستِيفاءِ، فيُشبِهُ البَيعَ ولا يَحتمِلُ التَّعليقَ بشَرطٍ والإضافةَ إلى وَقتٍ، كذا هذا (٢).


(١) «تحبير المختصر» (٤/ ١٠٨)، و «المختصر الفقهي» (٩/ ٤١١)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٠٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٥٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ١٩٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٣٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٧٧، ١٧٨)، و «الهداية» (٤/ ٢٥٣)، و «درر الحكام» (٣/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>