للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُه: (وهو المَشهورُ) أي: لكنِ الذي به الفَتوَى ما قالَه اللَّخميُّ، وهو الأظهَرُ في النَّظرِ. اه شَيخُنا عَدويٌّ (١).

الشَّرطُ الخامِسُ: أنْ يكونَ الوطءُ في القُبُلِ (حُكمُ الوَطءِ في الدُّبرِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ إذا أتَى امرأةً في دُبرِها، هل يُقامُ عليهِ الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنه لا حَدَّ على مَنْ أتَى امرأةً في دُبرِها، وإنما عليهِ التَّعزيرُ ويُودَعُ في السِّجنِ؛ لأنه أتَى مُنكَرًا؛ لأنَّ هذا الفِعلَ ليسَ بزنًا لُغةً، ألَا ترَى أنه يُنفَى عنه هذا الاسمُ بإثباتِ غيرِه، فيُقالُ: «لَاطَ وما زَنَى»، وكذلكَ أهلُ اللُّغةِ فصَلُوا بينَهُما، قالَ القائلُ:

مِنْ كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذِي ذكَرٍ لها مُحِبَّانِ لُوطِيٌّ وزنَّاءُ

فقدْ غايَرَ بينَهُما في الاسمِ، ولا بُدَّ مِنْ اعتبارِ اسمِ الفِعلِ المُوجِبِ للحدِّ، ولهذا لا يَجبُ القَطعُ على المُختلِسِ والمُنتهِبِ، والذي ورَدَ في الحَديثِ: «إذا أتَى الرَّجلُ الرَّجلَ فهُمَا زانِيانِ» مَجازٌ لا تَثبتُ حَقيقةُ اللُّغةِ به، والمُرادُ في حَقِّ الإثمِ، ألَا تَرَى أنه قالَ: «وإذا أتَتِ المَرأةُ المرأةَ فهُمَا زانِيَتانِ» (٢)، والمُرادُ في حقِّ الإثمِ دونَ الحدِّ، كما أنَّ اللهَ تعالى سَمَّى هذا الفعلِ فاحِشةً فقدْ سمَّى كلَّ كَبيرةٍ فاحِشةً، فقالَ: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٣١٠)، و «حاشية الصاوي» (١٠/ ٢٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٣٩).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٦٨١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>